للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متعطشة، وأفئدة متهيئة، فكان داعية لله مخلصا، وصادقا في جهده تعليما وأمرا ونهيا وترغيبا وحبا للخير.

وقد عرف الله نيته، فهيأ له قلوبا حريصة، ونيات خالصة كالأرض التي صادفها الوابل بعد انقطاع، أو كالمريض الذي هيأ الله له طبيبا يعينه في تلمس العلاج للعلة التي ألمت به.

فالعالم الشرعي، والطبيب البشري، لكل منهما هدف وغاية، محسوسة وظاهرة، ويترقب من الله أجرا مدخرا، - إن صدق النية مع الله-، ويتطلع لنتيجة في العمل الذي يقوم به، بصدقه وبذله.

والعالم الشرعي، ينقذ الناس - بعد توفيق الله - من الضلالات والشركيات، ويبعدهم عما يتنافى مع دين الله الذي ارتضاه سبحانه لعباده، ليجدوا بذلك لذة في قلوبهم، وراحة في نفوسهم.

والطبيب الشرعي مثله في الهدف والغاية، إذا صدقت نيته، وأخلص في أمانته، وهذا مصداق الحديث الشريف: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (١)»

العالم الصادق في نيته مع الله، هو العالم النافع لنفسه، والمؤثر في غيره، وليس من الضروري بأن يكون العالم متبحرا في معارفه، إذ تقوى الله جل وعلا، ومراقبته في السر والعلن، هي خير زاد يدفع العالم للعمل، ويجعل لعمله ثمرة بارزة فيمن حوله، وقبولا لدى الناس، ألم يقل سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٢).

أما ثمرة العلم: فهي العمل، كما أنه له صدقة، يجب أن تؤدى،


(١) جزء من حديث متفق عليه رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٢