للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمعاوية وأصحابه بغاة لكن مجتهدون ظنوا أنهم مصيبون في المطالبة بدم عثمان، كما ظن طلحة والزبير يوم الجمل ومعهم عائشة رضي الله عنها، لكن لم يصيبوا فلهم أجر الاجتهاد وفاتهم أجر الصواب.

وعلي له أجر الاجتهاد وأجر الصواب جميعا، وهذه هي القاعدة الشرعية في حق المجتهدين من أهل العلم أن من اجتهد في طلب الحق، ونظر في أدلته من قاض أو مصلح أو محارب فله أجران إن أصاب الحق وأجر واحد إن أخطأ الحق، أجر الاجتهاد، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد وأخطأ فله أجر (١)» متفق على صحته، فكل فتنة تقع على يد أي إنسان من المسلمين أو من المبتدعة أو من الكفار ينظر فيها فيكون المؤمن مع المحق ومع المظلوم ضد الظالم وضد المبطل وبهذا ينصر الحق وتستقيم أمور المسلمين وبذلك يرتدع الظالم عن ظلمه، ويعلم طالب الحق أن الواجب التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان، عملا بقول الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (٢) فقتال الباغي وقتال الكافر الذي قام ضد المسلمين وقتال من يتعدى على المسلمين لظلمه وكفره حق وبر ونصر للمظلوم وردع للظالم، فقتال المسلمين لصدام وأشباهه من البر ومن الهدى، ويجب أن يبذلوا كل ما يستطيعونه في قتاله وأن يستعينوا بأي جهة يرون أنها تنفع وتعين في ردع الظالم وكبح جماحه والقضاء عليه وتخليص المسلمين من شره، ولا يجوز للمسلمين أيضا أن يتخلوا عن المظلومين ويدعوهم للظالم يلعب بهم بأي وجه من الوجوه، بل


(١) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣٥٢)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٦)، سنن أبو داود الأقضية (٣٥٧٤)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٨٧).
(٢) سورة المائدة الآية ٢