ذكره المصنف، وللدارقطني من حديث جابر:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري). ونحوه للبزار من حديث أبي هريرة، قال في الفتح:(بإسناد حسن)، قالوا: وفي ذلك دليل على أن القبض إنما يكون شرطا في المكيل والموزون دون الجزاف. واستدل الجمهور بإطلاق أحاديث الباب، وبنص حديث ابن عمر، فإنه صرح فيه بأنهم كانوا يبتاعون جزافا. . الحديث. ويدل لما قالوا حديث حكيم بن حزام المذكور؛ لأنه يعم كل مبيع. ويجاب عن حديث ابن عمر وجابر اللذين احتج بهما مالك ومن معه بأن التنصيص على كون الطعام المنهي عن بيعه مكيلا أو موزونا لا يستلزم عدم ثبوت الحكم في غيره. نعم لو لم يوجد في الباب إلا الأحاديث التي فيها إطلاق لفظ الطعام لأمكن أن يقال: إنه يحمل المطلق على المقيد بالكيل والوزن. وأما بعد التصريح بالنهي عن بيع الجزاف قبل قبضه كما في حديث ابن عمر فيحتم المصير إلى أن حكم الطعام متحد من غير فرق بين الجزاف وغيره. ورجح صاحب ضوء النهار أن هذا الحكم أعني: تحريم بيع الشيء قبل قبضه مختص بالجزاف دون المكيل والموزون وسائر المبيعات من غير الطعام، وحكي هذا عن مالك. ويجاب عنه بما تقدم من إطلاق الطعام، والتصريح بما هو أعم منه، كما في حديث حكيم، والتنصيص على تحريم بيع المكيل من الطعام والموزون كما في حديث ابن عمر وجابر، وما حكاه عن مالك خلاف ما حكاه عنه غيره، فإن صاحب الفتح حكى عنه ما تقدم، وهو مقابل لما حكاه عنه، وكذلك روى عن مالك ما يخالف ذلك ابن دقيق العيد وابن القيم وابن رشد في بداية المجتهد وغيرهم. وقد سبق صاحب ضوء النهار إلى هذا المذهب ابن المنذر، ولكنه لم يخصص بعض الطعام دون بعض، بل سوى بين الجزاف وغيره، ونفى اعتبار القبض عن غير الطعام، وقد حكى ابن القيم في بدائع الفوائد عن أصحاب مالك