كقول ابن المنذر، ويكفي في رد هذا المذهب حديث حكيم فإنه يشمل بعمومه غير الطعام، وحديث زيد بن ثابت فإنه مصرح بالنهي في السلع. وقد استدل من خصص هذا الحكم بالطعام بما في البخاري من حديث ابن عمر «(أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من عمر بكرا كان ابنه راكبا عليه، ثم وهبه لابنه قبل قبضه)» ويجاب عن هذا: بأنه خارج عن محل النزاع؛ لأن البيع معاوضة بعوض، وكذلك الهبة إذا كانت بعوض وهذه الهبة الواقعة من النبي صلى الله عليه وسلم ليست على عوض. وغاية ما في الحديث جواز التصرف في المبيع قبل قبضه بالهبة بغير عوض، ولا يصح الإلحاق للبيع وسائر التصرفات بذلك؛ لأنه مع كونه فاسد الاعتبار قياس مع الفارق، وأيضا قد تقرر في الأصول أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر الأمة أو نهاها أمرا أو نهيا خاصا بها ثم فعل ما يخالف ذلك ولم يقم دليل يدل على التأسي في ذلك الفعل بخصوصه كان مختصا به؛ لأن هذا الأمر أو النهي الخاصين بالأمة في مسألة مخصوصة هما أخص من أدلة التأسي العامة مطلقا، فيبنى العام على الخاص، وذهب بعض المتأخرين إلى تخصيص التصرف الذي نهى عنه قبل القبض بالبيع دون غيره، قال:(فلا يحل البيع ويحل غيره من التصرفات)، وأراد بذلك الجمع بين أحاديث الباب وحديث شرائه صلى الله عليه وسلم للبكر، ولكنه يعكر عليه أن ذلك يستلزم إلحاق جميع التصرفات التي بعوض وبغير عوض كالهبة بغير عوض، وهو إلحاق مع الفارق، وأيضا إلحاقها بالهبة المذكورة دون البيع الذي وردت بمنعه الأحاديث تحكم، والأولى الجمع بإلحاق التصرفات بعوض بالبيع، فيكون فعلها قبل القبض غير جائز، وإلحاق التصرفات التي لا عوض فيها بالهبة المذكورة وهذا هو الراجح. ولا يشكل عليه ما قدمنا من أن ذلك الفعل مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك إنما هو على طريق التنزل مع ذلك القائل بحد فرض أن فعله صلى الله عليه وسلم يخالف ما دلت عليه أحاديث الباب، وقد عرفت أنه لا مخالفة فلا اختصاص. ويشهد لما ذهبنا إليه إجماعهم على