واختلفوا في الأجل في موضعين: أحدهما: هل يقدر بغير الأيام والشهور مثل الجذاذ والقطاف والحصاد والموسم؟ والثاني: في مقداره من الأيام. وتحصيل مذهب مالك في مقداره من الأيام، المسلم فيه على ضربين: ضرب يقتضى بالبلد المسلم فيه، وضرب يقتضى بغير البلد الذي وقع فيه السلم، فإن اقتضاه في البلد المسلم فيه، فقال ابن القاسم:(إن المعتبر في ذلك أجل تختلف فيه الأسواق، وذلك خمسة عشر يوما أو نحوها). وروى ابن وهب عن مالك أنه يجوز اليومين والثلاثة، وقال ابن عبد الحكم:(لا بأس به إلى اليوم الواحد) وأما ما يقتضى ببلد آخر، فإن الأجل عندهم: هو قطع المسافة التي بين البلدين قلت أو كثرت، وقال أبو حنيفة:(لا يكون أقل من ثلاثة أيام) فمن جعل الأجل شرطا غير معلل اشترط منه أقل ما ينطلق عليه الاسم، ومن جعله شرطا معللا باختلاف الأسواق اشترط من الأيام ما تختلف فيه الأسواق غالبا. وأما الأجل إلى الجذاذ والحصاد وما أشبه ذلك، فأجازه مالك ومنعه أبو حنيفة والشافعي، فمن رأى أن الاختلاف الذي يكون في أمثال هذه الآجال يسيرا أجاز ذلك، إذ الغرر اليسير معفو عنه في الشرع، وشبهه بالاختلاف الذي يكون في الشهور من قبل الزيادة والنقصان. ومن رأى أنه كثير، وأنه أكثر من الاختلاف الذي يكون من في النقصان الشهور وكمالها لم يجزه.
أما اختلافهم في: هل من شرط السلم أن يكون جنس المسلم فيه موجودا في حين عقد السلم؟. فإن مالكا والشافعي وإسحاق وأبا ثور لم يشترطوا ذلك وقالوا:(يجوز السلم في غير وقت إبانه). وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي:(لا يجوز السلم إلا في إبان الشيء المسلم فيه) فحجة من لم يشترط الإبان ما ورد في حديث ابن عباس: «أن الناس كانوا يسلمون في التمر السنتين والثلاث فأقروا على ذلك ولم ينهوا عنه». وعمدة الحنفية ما روي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا