تسلموا في النخل حتى يبدو صلاحها (١)»، وكأنهم رأوا أن الغرر يكون فيه أكثر إذا لم يكن موجودا في حال العقد، وكأنه يشبه بيع ما لم يخلق أكثر، وإن كان ذلك معينا وهذا في الذمة، وبهذا فارق السلم بيع ما لم يخلق.
وأما الشرط الثالث: وهو مكان القبض فإن أبا حنيفة اشترطه تشبيها بالزمان، ولم يشترطه غيره وهم الأكثر. وقال القاضي أبو محمد:(الأفضل اشتراطه). وقال ابن المواز:(ليس يحتاج إلى ذلك).
وأما الشرط الرابع: وهو أن يكون الثمن مقدرا: مكيلا، أو موزونا، أو معدودا، أو مذروعا لا جزافا، فاشترط ذلك أبو حنيفة، ولم يشترطه الشافعي ولا صاحبا أبي حنيفة: أبو يوسف ومحمد، قالوا: وليس يحفظ عن مالك في ذلك نص، إلا أنه يجوز عنده بيع الجزاف، إلا فيما يعظم الغرر فيه على ما تقدم من مذهبه، وينبغي أن تعلم أن التقدير في السلم يكون بالوزن فيما يمكن فيه الوزن، وبالكيل فيما يمكن فيه الكيل، وبالذرع فيما يمكن فيه الذرع، وبالعدد فيما يمكن فيه العدد. وإن لم يكن فيه أحد هذه التقديرات انضبط بالصفات المقصودة من الجنس مع ذكر الجنس إن كان أنواعا مختلفة، أو مع تركه إن كان نوعا واحدا، ولم يختلفوا أن السلم لا يكون إلا في الذمة وأنه لا يكون في معين، وأجاز مالك السلم في قرية معينة إذا كانت مأمونة، وكأنه رآها مثل الذمة.
(١) صحيح البخاري الزكاة (١٤٨٦)، صحيح مسلم البيوع (١٥٣٤)، سنن الترمذي البيوع (١٣٠٠)، سنن النسائي البيوع (٤٥٤٩)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٦٧)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٢٣)، موطأ مالك البيوع (١٣٠٣)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٥).