للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينفي بها الولد، وكما يدفع بها الحق عن نفسه والحد من غيره، وفيما يأخذ بها الرجل مع شاهد ويدعي المال فينكل المدعى عليه وترد عليه اليمين فيأخذ بيمينه ونكول صاحبه بما ادعى عليه، لا أن الرجل يحلف فيبرئ غيره، ولا يحلف فيملك غيره بيمينه شيئا، فلما لم يكن في الحديث بيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بها لغير وارث ويستحق بها الوارث لم يجز فيها -والله أعلم- إلا أن تكون في معاني ما حكم الله عز وجل من الأيمان، ثم رسوله -صلى الله عليه وسلم- ثم المسلمون من أنه لا يملك أحد بيمين غيره شيئا.

قال الشافعي: -رحمه الله تعالى-: ولا يجب على أحد حق في القسامة حتى تكمل أيمان الورثة خمسين يمينا، وسواء كثر الورثة أو قلوا، وإذا مات الميت وترك وارثا واحدا أقسم خمسين يمينا، واستحق الدية، وإن ترك وارثين أو أكثر فكان أحدهما صغيرا أو غائبا أو مغلوبا على عقله أو حاضرا بالغا فلم يحلف فأراد أحدهما اليمين لم يحبس على غائب ولا صغير، ولم يبطل حقه من ميراثه من دمه بامتناع غيره من اليمين ولا إكذابه دعوى أخيه ولا صغره، وقيل للذي يريد اليمين: أنت لا تستوجب شيئا من الدية على المدعى عليهم ولا على عواقلهم إلا بخمسين يمينا، فإن شئت أن تعجل فتحلف خمسين يمينا وتأخذ نصيبك من الميراث لا يزاد عليه قبلت منك، وإن امتنعت فدع هذا حتى يحضر معك وارث تقبل يمينه خمسين يمينا، أو ورثته فتكمل أيمانكم خمسين يمينا، كل رجل منكم بقدر ما يجب عليه من الأيمان أو أكثر. ولا يجوز أن يزاد على وارث في الأيمان على قدر حصته من الميراث إلا في موضعين:

أحدهما: ما وصفت من أن يغيب وارث أو يصغر أو ينكل فيريد أحد الورثة اليمين، فلا يأخذ حقه إلا بكمال خمسين يمينا، فيزاد عليه في الأيمان في هذا الموضع، ولا يجبر على الأيمان، أو يدع الميت ثلاث بنين فتكون حصة كل واحد منهم سبعة عشر يمينا إلا ثلث يمين، فلا يجوز في اليمين كسر، ولا يجوز أن يحلف واحد ستة عشر يمينا، وعليه ثلث ويحلف آخر سبعة عشر ولا سبعة عشر زيادة (١)، ويحلف كل واحد منهم سبع عشرة يمينا، فيكون عليهم زيادة يمين بينهم، وهكذا من وقع عليه أو له كسر يمين جبرها.

وإن لم يدع القتيل وارثا إلا ابنه وأباه أو أخاه أجزأه أن يحلف خمسين يمينا؛ لأنه مالك المال كله، وكل من ملك شيئا حلف عليه، وهكذا لو لم يدع إلا ابنته وهي مولاته حلفت خمسين يمينا وأخذت الكل: النصف بالنسب، والنصف بالولاء، وهكذا لو لم يدع إلا زوجته وهي مولاته.

وإذا ترك أكثر من خمسين وارثا سواء في ميراثه كأنهم بنون معا أو إخوة معا أو عصبة في (٢) الفقد إليه سواء حلف كل واحد منهم يمينا وإن جازوا خمسين أضعافا؛ لأنه لا يأخذ أحد مالا بغير بينة ولا إقرار من المدعى عليه بلا يمين منه، ولا يملك أحد بيمين غيره شيئا، ولو كانت فيهم زوجة فورثت الربع أو الثمن حلفت ربع الأيمان ثلاثة عشر يمينا، ويزاد عليها كسر يمين، أو ثمن الأيمان سبعة أيمان يزاد عليها كسر يمين، كما وصفت من أنه لا يجوز إذا كان على وارث كسر يمين إلا أن يأتي بيمين تامة (٣).


(١) قوله ولا سبعة عشر إلخ " كذا في الأصل وانظر .. .
(٢) قوله في الفقد إليه سواء أي مستوين في درجة النسب إلى الميت، كتبه مصححه.
(٣) الأم ج٦ ص ٨٠/ ٨٢.