للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشتمل على النوى وما عليه، والحيوان المشتمل على لحم وشحم وغيره، وأشباه ذلك، فهذا إذا قوبل بمثله، جاز بيعه به، ولا نظر إلى ما فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز بيع التمر بالتمر، والحيوان بالحيوان. وقد علم اشتمالهما على ما فيهما، ولو باع ذلك بنوع غير مقصود فيه، كبيع التمر الذي فيه النوى بالنوى، ففيه عن أحمد روايتان، قد ذكرناهما فيما مضى. فأما العسل قبل تصفيته، فقال أصحابنا: (لا يجوز بيع بعضه ببعض؛ لاشتماله على عسل وشمع، وذلك بفعل النحل، فأشبه السيف المحلى).

(فصل) ويحرم الربا في دار الحرب، كتحريمه في دار الإسلام، وبه قال مالك، والأوزاعي، وأبو يوسف، والشافعي، وإسحاق، وقال أبو حنيفة: (لا يجري الربا بين مسلم وحربي، في دار الحرب). وعنه في مسلمين أسلما في دار الحرب: لا ربا بينهما؛ لما روى مكحول، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ربا بين المسلمين وأهل الحرب في دار الحرب». ولأن أموالهم مباحة، وإنما حظرها الأمان في دار الإسلام، فما لم يكن كذلك كان مباحا.

ولنا: قول الله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (١) وقوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (٢) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٣) وعموم الأخبار يقتضي تحريم التفاضل. وقوله: «من زاد أو ازداد فقد أربى (٤)». عام، وكذلك سائر الأحاديث. ولأن ما كان محرما في دار الإسلام، كان محرما في دار الحرب، كالربا بين المسلمين، وخبرهم مرسل لا نعرف صحته، ويحتمل أنه أراد النهي عن ذلك، ولا يجوز ترك ما ورد بتحريمه القرآن، وتظاهرت به السنة، وانعقد الإجماع على تحريمه، بخبر


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٤) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن النسائي كتاب البيوع (٤٥٦٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣١٤)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩).