للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كسائر العوض. وإن اختار واجد العيب الفسخ، فعلى قولنا: (له البدل)، ليس له الفسخ إذا أبدل له؛ لأنه يمكنه أخذ حقه غير معيب، وعلى الرواية الأخرى: له الفسخ أو الإمساك في الجميع؛ لأنه تعذر عليه الوصول إلى ما عقد عليه، مع إبقاء العقد. فإن اختار أخذ أرش العيب بعد التفرق، لم يكن له ذلك؛ لأنه عوض يقبضه بعد التفرق عن الصرف إلا على الرواية الأخرى.

(فصل) ومن شرط المصارفة في الذمة: أن يكون العوضان معلومين، إما بصفة يتميزان بها، وإما أن يكون للبلد نقد معلوم أو غالب، فينصرف الإطلاق إليه. ولو قال: بعتك دينارا مصريا بعشرين درهما من نقد عشرة بدينار. لم يصح، إلا أن لا يكون في البلد نقد عشرة بدينار إلا نوع واحد، فتنصرف تلك الصفة إليه. وكذلك الحكم في البيع.

(فصل) إذا كان لرجل في ذمة رجل ذهب، وللآخر عليه دراهم، فاصطرفا بما في ذمتهما، لم يصح، وبهذا قال الليث والشافعي، وحكى ابن عبد البر عن مالك وأبي حنيفة جوازه؛ لأن الذمة الحاضرة كالعين الحاضرة، ولذلك جاز أن يشتري الدراهم بدنانير من غير تعيين.

ولنا: أنه بيع دين بدين ولا يجوز ذلك بالإجماع، قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أن بيع الدين بالدين لا يجوز). وقال أحمد: (إنما هو إجماع). وقد روى أبو عبيد في الغريب: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ». وفسره: بالدين بالدين، إلا أن الأثرم روى عن أحمد: أنه سئل أيصح في هذا حديث؟ قال: لا. وإنما صح الصرف بغير تعيين؛ بشرط أن يتقابضا في المجلس، فجرى القبض والتعيين في المجلس مجرى وجوده حالة العقد. ولو كان لرجل على رجل دنانير، فقضاه دراهم شيئا بعد شيء نظرت، فإن كان يعطيه كل درهم بحسابه من الدينار، صح. نص عليه أحمد، وإن لم يفعل ذلك، ثم تحاسبا بعد ذلك، فصارفه بها وقت