وقال أبو يوسف -رحمه الله-: لا قسامة على العاقلة، هكذا ذكر فيه.
وقال الكرخي -رحمه الله-: إن كانت العاقلة حضورا في المصر دخلوا في القسامة، وإن كانت غائبة فالقسامة على صاحب الدار تكرر عليه الأيمان، والدية عليه وعلى عاقلته.
أما دخول العاقلة في القسامة، إذا كانوا حضورا فهو قولهما، وظاهر قول أبي يوسف: لا قسامة على العاقلة يقتضي أن لا يدخلوا في القسامة.
وجه قول زفر -رحمه الله-: أنه لما لزمتهم الدية لزمتهم القسامة، كأهل المحلة، ولأبي يوسف أن صاحب الدار أخص بالنصرة وبالولاية والتهمة فلا تشاركه العاقلة كما لا يشارك أهل المحلة غيرهم.
ووجه قولهما: أن العاقلة إذا كانوا حضورا يلزمهم حفظ الدار ونصرتها كما يلزم صاحب الدار. وكذا يتهمون بالقتل كما يتهم صاحب الدار، فقد شاركوا في سبب وجوب القسامة، فيشاركونه في القسامة أيضا، وبهذا يقع الفرق بين حال الحضور والغيبة على ما ذكره الكرخي -رحمه الله.
لأن معنى التهمة ظاهر الانتفاء من الغيب. وكذا معنى النصرة؛ لأنه لا يلحق ذلك الموضع نصرة من جهتهم إلا أنه تجب عليهم الدية؛ لأن وجوب الدية على العاقلة لا يتعلق بالتهمة؛ فإنهم يتحملون عن القاتل المعين، إذا كان صبيا أو مجنونا أو خاطئا، وسواء كانت الدار فيها ساكن أو كانت مفرغة مغلقة فوجد فيها قتيل فعلى رب الدار وعلى عاقلته القسامة والدية.
أما على أصل أبي حنيفة ومحمد -رضي الله عنهما- فظاهر؛ لأنهما يعتبران الملك دون السكنى؛ فكان وجود السكنى فيها والعدم بمنزلة واحدة.
وأما أبو يوسف -رحمه الله - فإنما يوجب على الساكن لاختصاصه بالدار يدا، ولم يوجد ها هنا، وسواء كان الملك الذي وجد فيه القتيل خاصا أو مشتركا فالقسامة والدية على أرباب الملك؛ لما قلنا، وسواء اتفق قدر أنصباء الشركاء أو اختلف فالقسامة والدية بينهم بالسوية، حتى لو كانت الدار بين رجلين لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث فالقسامة عليهما وعلى عاقلتهما نصفان، ويعتبر في ذلك عدد الرءوس لا قدر الأنصباء كما في الشفعة؛ لأن حفظ الدار واجب على كل واحد منهما، والحفظ لا يختلف؛ ولهذا تساويا في استحقاق الشفعة؛ لأن الاستحقاق لدفع ضرر الدخيل، وإنه لا يختلف باختلاف قدر الملك، وذكر في الجامع الصغير فيمن باع دارا وجد فيها قتيل قبل أن يقبضها المشتري: أن القسامة والدية على البائع، إذا لم يكن في البيع خيار، فإن كان فيه خيار فعلى من الدار في يده في قول أبي حنيفة.
وعند أبي يوسف ومحمد: الدية على مالك الدار إن لم يكن في البيع خيار، فإن كان فيه خيار فعلى من تصير الدار له. وعند زفر -رحمه الله- الدية على المشتري إلا أن يكون للبائع خيار، فتكون الدية عليه.
وجه قول زفر: أن الملك للمشتري إذا لم يكن فيه خيار. وكذا إذا كان الخيار للمشتري؛ لأن خيار المشتري