للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع العاقلة في الدية في هذه المسألة، وأنكروا على الطحاوي قوله، وقالوا: إن القاتل يدخل في الدية بكل حال، ويدخل في القسامة والدية الأعمى والمحدود في القذف والكافر؛ لأنهم من أهل الاستحلاف والحفظ -والله سبحانه وتعالى أعلم (١).

وقال أيضا: الصبي والمجنون لا يدخلان في القسامة في أي موضع وجد القتيل، سواء وجد في غير ملكهما أو في ملكهما.

لأن القسامة يمين، وهما ليسا من أهل اليمين؛ ولهذا لا يستحلفان في سائر الدعاوى، ولأن القسامة تجب على من هو من أهل النصرة، وهما ليسا من أهل النصرة؛ فلا تجب القسامة عليهما، وتجب على عاقلتهما إذا وجد القتيل في ملكهما لتقصيرهم بترك النصرة اللازمة.

وهل يدخلان في الدية مع العاقلة؟ فإن وجد القتيل في غير ملكهما كالمحلة وملك إنسان لا يدخلان فيها، وإن وجد في ملكهما يدخلان؛ لأن وجود القتيل في ملكهما كمباشرتهما القتل، وهما مؤاخذان بضمان الأفعال، وعلى قياس ما ذكره الطحاوي -رحمه الله- لا يدخلان في الدية مع العاقلة أصلا، لكنه ليس بسديد؛ لأن هذا ضمان القتل، والقتل فعل، والصبي والمجنون مؤاخذان بأفعالهما (٢).

قال الشافعي: ومن وجبت له القسامة وهو غائب أو مخبول أو صبي، فلم يحضر الغائب أو حضر فلم يقسم، ولم يبلغ الصبي ولم يفق المعتوه، أو بلغ هذا وأفاق هذا فلم يقسموا ولم يبطلوا حقوقهم في القسامة حتى ماتوا قام ورثتهم مقامهم في أن يقسموا بقدر مواريثهم منه، (٣). فقوله: ولم يبلغ الصبي. نص منه -رحمه الله- أنه لا يرى دخوله في أيمان القسامة حتى يبلغ.

قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه لا يحلف في القسامة في العمد أحد من النساء، وإن لم يكن للمقتول ولاة إلا النساء فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو (٤).

قال الباجي: قوله: " لا يحلف في قسامة العمد أحد من النساء " يريد أنه لا يقسم إلا الأولياء من الرجال ومن له تعصيب، وأما من لا تعصيب له من الخؤولة وغيرهم فلا قسامة لهم، وإذا كان للقتيل أم فإن كانت معتقة أو أعتق أبوها أو جدها أقسم مواليها في العمد، قاله ابن القاسم في الموازية والمجموعة، وإن كانت أمه من العرب فلا قسامة في عمده، قال محمد: لأن العرب خؤولته، ولا ولاية للخؤولة، ومن شهد شاهد عدل بقتله عمدا، وقال: دمي عند فلان ولم يكن له عصبة وكان له من الأقارب نساء أو خؤولة فإنه لا قسامة فيه، ويحلف المدعى عليهم القتل. انتهى المقصود (٥).


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٩٤ - ٢٩٥.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٩٤.
(٣) الأم ج٦ ص٨٠.
(٤) الموطأ ج٧ ص٦٢.
(٥) المنتقى على الموطأ ج٧ ص٦٢.