للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر) (١).

(وقال حذاق أهل العلم: وليس من شرط الناهي أن يكون سليما عن معصية بل ينهى العصاة بعضهم بعضا). وقال بعض الأصوليين: فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضا بدليل قوله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} (٢) فهذا يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي) (٣).

قال العلماء: (ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات بل ذلك جائز لآحاد المسلمين). قال إمام الحرمين: والدليل عليه إجماع المسلمين فإن غير الولاة في الصدر الأول والعصر الذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر مع تقرير المسلمين إياهم وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير ولاية) (٤).

وفي ضوء ما تقرر فإن إزالة المنكرات لهي من أوجب الواجبات، وأصل الضرورات لصلاح المجتمعات، عندما تشطط عن طريق الهداية، ويختار بعض أفرادها طريق الغواية. فإن تركت المنكرات ولم تنكر فستعث به كما يعث السوس في الصوف والثياب والطعام، وستنخر في الأمة وتضعف حالها، حتى تكون هزيلة رديئة، لا يتحرك لها قوام، ولا ترتفع


(١) انظر شرح النووي على صحيح مسلم، ج٢ ص٢٢، ٢٣.
(٢) سورة المائدة الآية ٧٩
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج٦ ص٢٥٣.
(٤) انظر صحيح مسلم بشرح النووي، ج٢ ص٢٣.