للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعالم بما يأمر به أو ينهى عنه: هو المتمكن من التفريق بين أنواع المخالفات ودرجة الإنكار اللازم لحال المخالفة؛ لأن من الأفعال ما هو خفي في الحكم. يقول الشوكاني: (على أن طرف الفخذ قد يتسامح بكشفه في مواطن الحرب ومواقف الخصام) (١) وعند الحنفية حكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ، فلو رأى غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق، ولا ينازعه إن لج، وفي الفخذ بعنف ولا يضربه إن لج، وفي السوءة يؤدبه على ذلك إن لج (٢).

وعند المالكية: إن الفخذ عورة مخففة يجوز كشفها مع الخواص ولا يجوز مع غيرهم (٣).

قلت: ومثل هذه الأمور لا يدركها إلا فقيه بما يأمر به، أو ينهى عنه.

الشرط الثاني: التحقق من وجود المنكر ومعرفة مكانه.

ويتحقق ذلك عن طريق الرؤية أو العلم به بتحقق وجوده، فمن سمع صوت غناء محرم أو آلات الملاهي وعلم المكان الذي هي فيه فإنه ينكره؛ لأنه قد تحقق وجود المنكر، وعلم موضعه، فهو كمن رآه.

نص على ذلك الإمام أحمد وقال: (أما إذا لم يعلم مكانه فلا شيء. أما التفتيش عما استراب به فلا يحل)، وكذا تسور الجدران على من علم


(١) انظر نيل الأوطار، ح ٢ ص، ٧٠.
(٢) انظر المبسوط، ح ١٠ ص ١٤٧، وحاشية ابن عابدين، ج١ ص ٤٠٩.
(٣) انظر حاشية العدوي، ج ٢ ص ٤٢٠.