كتاب مجلة البحوث الإسلامية

الإنكار معناه أصل مشروعيته شروطه طرائقه - الفصل الثالث في شروط الإنكار - ج: 43 - ص: 197

اجتماعهم على منكر، روي ذلك عن بعض الأئمة مثل سفيان الثوري، وهو داخل في التجسس المنهي عنه (١) واستثنى أبو يعلى المنكر الذي به انتهاك حرمة يفوت استدراكها كالزنا والقتل، فله التجسس، والإقدام، والكشف، والبحث إن أخبره ثقة، حذرا من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم، وإن كان دون ذلك في الرتبة لم يجز التجسس عليه ولا الكشف عنه (٢).

قال إمام الحرمين: (وليس للآمر بالمعروف البحث والتنقير والتجسس واقتحام الدور بالظنون، بل إن عثر على منكر غيره جهده) (٣).

ويجب التثبت من المخالفة المقتضية للإنكار؛ لأن الأصل حسن الظن بالناس. قال عمر رضي الله عنه (٤): (ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرا، وأن تجد لها في الخير محملا) (٥). وذلك باعتبار أن المخالفة خارجة عن أصل الفطرة الصحيحة، ولأن الأصل حسن الظن بهم لا اتهامهم ما لم يقم دليل على الاتهام.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} (٦) ففي هذه الآية نهي عن الظن السيئ الذي لا يرتقي

---

(١) انظر جامع العلوم والحكم، ص ٢٨٤، والأحكام السلطانية للماوردي، ص٢٥٣.
(٢) انظر شرح النووي على صحيح مسلم، ج ٢ ص ٢٦.
(٣) انظر شرح النووي على صحيح مسلم، ج ٢ ص ٢٦.
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره، ج ٤ ص ٢١٢.
(٥) انظر الفرق بين النصيحة والتعيير.
(٦) سورة الحجرات الآية ١٢