للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى درجة الصدق إنما هو أوهام وشكوك.

يقول ابن كثير: (يقول الله تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأهل، والأقارب، والناس في غير محله؛ لأن بعض ذلك يكون إثما محضا فليجتنب منه احتياطا) (١).

روى الطبراني بإسناده عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ظننتم فلا تحققوا (٢)» أي: لا تجعلوا ما قام عندكم من الظن محققا في نفوسكم، محكمين للظن.

ومعنى هذا أن يظل الناس أبرياء، مصونة حقوقهم وحرياتهم واعتبارهم محفوظة كراماتهم حتى يتبين بوضوح أنهم ارتكبوا ما يؤاخذون عليه.

وجاء النهي عن التجسس؛ لأنه جزء من الظن، وقد يكون حركة ابتدائية لكشف العورات والاطلاع على السوءات والناس لا يؤاخذون إلا. مما يظهر منهم من مخالفات وجرائم (٣).

والحق تبارك وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (٤) ففي هذه الآية تأكيد على وضوح مصدر التلقي والابتعاد عن مصادر


(١) انظر تفسير القرآن العظيم، ج ٤ ص ٢١٢.
(٢) أخرجه الديلمي، وهو ضعيف لكن له شواهد، انظر فيض القدير شرح الجامع الصغير، ج ١ ص ٤٠٠، وانظر الفتح الكبير للسيوطي، ح ١ ص ١٣١.
(٣) انظر تفسير القرآن العظيم، ج ٤ ص ٢١٢، وفي ظلال القرآن، ج ٧ ص ٥٣٣، ٥٣٤.
(٤) سورة الحجرات الآية ٦