للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سكت) (١) قال الشنقيطي: (فإن كانت دعوته إلى الله بقسوة وعنف فإنها تضر أكثر مما تنفع فلا ينبغي أن يسند الأمر بالمعروف إسنادا مطلقا، إلا لمن جمع بين العلم والحكمة والصبر على أذى الناس؛ لأن الأمر بالمعروف وظيفة الرسل وأتباعهم، وهو مستلزم للأذى من الناس؛ لأنهم مجبولون بالطبع على معاداة من يتعرض لهم في أهوائهم الفاسدة، وأغراضهم الباطلة، ولذا قال العبد الصالح لقمان الحكيم لولده: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} (٢) (٣).

يقول الحق تبارك وتعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (٤).

فهذه الآية تضمنت النهي عن الفظاظة وهي الشراسة، والخشونة في المعاشرة، وهي القسوة والغلظة، وهما من الأفعال المنفرة للناس لا يصبرون على معاشرة صاحبها وإن كثرت فضائله، ورجيت فواضله، بل يتفرقون ويذهبون من حوله ومن ثم تفوت هدايتهم ولا تبلغ قلوبهم الدعوة.

واللين في المخاطبة والصبر والتجلد وعدم التشدد في العتب والتوبيخ يوصل إلى الاهتداء في كتاب الله (٥).

وإن شعر المنكر عليه بغلظة في القول أو زجر في الحديث فقد يتأثر


(١) انظر جامع بيان العلم وفضله، ص ٣٦٣.
(٢) سورة لقمان الآية ١٧
(٣) انظر أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، ج ٢ ص ١٧٤.
(٤) سورة آل عمران الآية ١٥٩
(٥) تفسير المنار، ج٤ ص ١٩٨، ١٩٩.