للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدعوة، وترابطها ترابطا وثيقا، يجعل المصدق بواحد من الأنبياء مصدق بالجميع، والمكذب لواحد منهم مكذبا بالجميع.

وعلى هذه الأصول اتفقت دعوتهم عليهم السلام، واجتمعت كلمتهم، لتؤكد أن القضية الأولى، في جميع الدعوات، من لدن أول الأنبياء إلى آخرهم، يجب أن تبدأ بالتوحيد، أيا كانت الظروف والأحوال التي يعيشها هذا المجتمع، مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة.

ثم إذا سرنا قليلا في دراسة دعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، سنجد أنهم بعد هذه القضية- قضية تقرير العقيدة في النفوس - وعند الشروع في القضية الثانية، التي يدعون إليها، يختلف الأمر، فنجد أن لكل نبي قضية خاصة يركز عليها، فكل نبي يعنى عناية خاصة بالأمراض التي توجد في مجتمعه وبين قومه.

فإبراهيم (أبو الأنبياء) عليه السلام اهتم كثيرا بالتوحيد، ومحاربة الشرك، يقول تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (١) وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} (٢) {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} (٣) وقال تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ} (٤) {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} (٥) وكأنه عليه السلام يرى ما وقع فيه بعض الناس من


(١) سورة الأنعام الآية ٧٤
(٢) سورة الأنبياء الآية ٥١
(٣) سورة الأنبياء الآية ٥٢
(٤) سورة الصافات الآية ٨٥
(٥) سورة الصافات الآية ٨٦