للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه القول الأول: أنهم لما تساووا في الحق لم يكن نكول بعضهم مؤثرا في سقوط حق الباقين أصله قتل الخطأ.

ووجه الرواية الثانية: أن الحق لجماعتهم وليس بعضهم بأولى من بعض بإثباته وهو لا يتبعض " فرع ".

قال القاضي أبو محمد: وهذا في العصبة، وأما البنون والإخوة فرواية واحدة أن من نكل منهم ردت الأيمان على المدعى عليهم.

ووجه ذلك أن البنين والإخوة يردون الأم من الثلث إلى السدس فكان لقرابتهم مزية، والله أعلم.

وترد الأيمان على المدعى عليهم، وفي العتبية وغيرها لابن القاسم، ورواية عن مالك إذا نكل ولاة الدم عن القسامة، ثم أرادوا أن يقسموا لم يكن ذلك لهم إن كان نكولا بينا، ومن نكل عن اليمين فقد أبطل حقه.

ووجه ذلك أن نكول من يجب عليه اليمين توجب رد اليمين على المدعى عليه كالمدعي حقا يشهد له شاهد فينكل عن اليمين مع شاهده، فإن اليمين ترد على المدعى عليه.

" مسألة ": وإذا حلف الأولياء مع المعينين لهم من العصبة بدئ بالولي ولا يبدأ بأيمان المعينين لهم قاله في المجموعة والموازية، ابن القاسم قال: وإنما يعين الولي من قرابته منه معروفة فيلتقي معه إلى جد يوارثه فأما من هو من عشيرته من غير نسب معروف فلا يقسم، كان للمقتول أو لم يكن (١). .

قال الباجي: " فصل " وقوله: ولكن: ترد الأيمان على المدعى عليهم فيحلف منهم خمسون رجلا، يريد أنه يحلف الجماعة في النكول، كما يحلف الجماعة في الدعوى؛ لأن أيمان القسامة لما لم يحلف فيها إلا اثنان فما زاد من المدعى عليهم. وقد روى ابن حبيب عن مطرف عن مالك أنه لا يحلف إلا المدعى عليه وحده بخلاف المدعي. وقال مطرف: لأن الحالف المدعى عليه إنما يبرئ نفسه.

ووجه رواية ابن القاسم ما روى أبو قلابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- " أنه قال للمدعين: «أترضون خمسين يمينا من اليهود ما قتلوه (٢)» فمقتضى ذلك أن القسامة مختصة بهذا العدد ولا يزاد عليه؛ لأن اليهود كانوا أكثر من خمسين، ومن جهة المعنى أنه لما جاز أن يحلف مع ولي الدم المدعى له غيره جاز أن يحلف مع المدعى عليه المنكر له غيره.

ووجه آخر أن الدماء مبنية على هذا، وهو أن يتحملها غير الجاني، كالدية في قتل الخطأ، فإن الأيمان لما كانت خمسين وكانت اليمين الواحدة لا تتبعض لم يجز أن يكون الحالفون أكثر من خمسين.


(١) المنتقى ج٦
(٢) صحيح البخاري الديات (٦٨٩٩).