الحياة الثقافية في بلد القاسمي شبه مفقودة، فلا مدارس ولا جامعات ولا معاهد؛ لذلك اعتمد قلة من الناس على الكتاتيب وحلقات المساجد.
وقد هيأ هذا انتشار الأمية، حتى لتصل الرسالة إلى أحد الناس في الحي فيبحث عمن يقرؤها، وتصل الصحيفة إلى أحد المتعلمين فيتحلق حوله الناس، وقد انعكس هذا كله على الحياة الدينية، فجمود على القديم، ومتون يحفظها الطلاب من غير فهم، وتقليد أعمى بعيد عن الدليل من الكتاب والسنة.
ومن المدهش أن كتب الحديث النبوي كانت تقرأ في الأغلب للتبرك، وكتب تفسير القرآن كانت ممتنعة عن الخاصة والعامة.
وكان يكفي الطالب أن يقرأ بعض كتب الفقه لتوضع على رأسه عمامة، ويلتحق بركب العلماء، مع أن البحوث الفقهية لم تكن بالمستوى الذي يخدم أغراض الشريعة، وبعيدة عن منهج أصحاب المذاهب المعتمدة.
أضف إلى هذا انتشار البدع والخرافات والقبوريين.
في هذا الجو نشأ القاسمي، لذلك حينما تصدى للإصلاح كان غريبا على أهل عصره فمضى في سبيله على الرغم من العوائق والمعوقات حتى تحقق له كثير مما أراد مؤيدا بتوفيق الله تعالى.
وكان يحضر مجالس الشيخ عبد الرزاق البيطار مجدد مذهب السلف في الشام، وقد استفاد القاسمي من علمه وعقيدته الأثرية وهديه وأخلاقه المرضية ما لم يستفده من غيره.
وصحب الأستاذ الشيخ طاهرا الجزائري، فاستفاد من صحبته علما