للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا القول لا يصلح؛ لأن اليمين إنما شرعت في حق المدعى عليه إذا نكل عنها المدعي، فلا ترد عليه، كما لا ترد على المدعى عليه إذا نكل المدعي عنها بعد ردها عليه في سائر الدعاوى، ولأنها يمين مردودة على أحد المتداعيين، فلا ترد على من ردها، كدعوى المال (١).

٢ - قال ابن مفلح: وإن نكل أي المدعى عليه فعنه كذلك أي فداه الإمام من بيت المال - وعنه: يحبس حتى يقر أو يحلف، وعنه تلزمه الدية، وهي أظهر ولو رد اليمين على المدعي فليس للمدعي أن يحلف، وفي الترقيب على رد اليمين وجهان، وهما في كل نكول عن يمين مع القود إليها في مقام آخر، هل له ذلك لتعدد المقام أم لا؟ لنكوله مرة؟ (٢).

قال علي بن سليمان المقدسي: مسألة ٦، ٧ قوله: وإن لم يرض الأولياء يمين المدعى عليه فداه الإمام من بيت المال، وإن نكل فعنه كذلك، وعنه يحبسه حتى يقر أو يحلف، وعنه: تلزمه الدية، وهو أظهر، انتهى. اشتمل كلامه على مسألتين: المسألة الأولى: إذا طلبوا أيمانهم ونكلوا فهل يحبس حتى يقر، أو يحلف، أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه الزركشي. " أحدهما ": لا يحبس، وهو الصحيح، جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمقنع والهادي والوجيز وغيرهم، وقدمه في المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم. " الرواية الثانية ": يحبس حتى يقر أو يحلف.

تنبيه: ظهر مما تقدم أن في إطلاق المصنف شيئا، وأن الأولى أنه كان يقدم أنه لا يحبس.

المسألة الثانية: إذا قلنا لا يحبس فهل تلزمه الدية أو تكون في بيت المال؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والزركشي وغيرهم. " إحداهما ": تلزمه الدية، وهو الصحيح، قال المصنف هنا: وهو أظهر، واختاره أبو بكر والشريف وأبو الخطاب والشيخ الموفق وغيرهم، وصححه الشارح والناظم، وقدمه في الرعايتين. " والرواية الثانية " يكون في بيت المال، قدمه في المحرر والحاوي الصغير " (٣).


(١) المغني ج٨ ص٤٩٨.
(٢) الفروع ج٣ ص٤٥٦.
(٣) تصحيح الفروع / ٣/ ٤٥٦.