للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذهب الشافعي

قال الشافعي في كلامه على المدعى عليهم في القسامة: (فإذا حلفوا برئوا وإذا نكلوا عن الأيمان حلف ولاة الدم خمسين يمينا واستحقوا الدية إن كانت عمدا ففي أموالهم ورقاب العبيد منهم بقدر حصصهم فيها، وإن كانت خطأ فعلى عواقلهم، وإن كان ولي القتيل ادعى على اثنين منهم فحلف أحدهما وامتنع الآخر من اليمين برئ الذي حلف وحلف ولاة الدم على الذي نكل، ثم لزمه نصف الدية في ماله إن كان عمدا وعلى عاقلته إن كان خطأ؛ لأنهم إنما ادعوا أنه قاتل مع غيره وسواء في النكول عن اليمين المحجور عليه وغير المحجور عليه إذا نكل منهم واحد حلف المدعى عليه (١).

وقال الشافعي: في " باب الإقرار والنكول والدعوى والدم ". وإذا ادعوا على عشرة فيهم صبي رفعت حصة الصبي عنهم من الدية إن استحقت وإن نكلوا حلف ولاة الدم وأخذوا منهم تسعة أعشار الدية فإذا بلغ الصبي حلف فبرئ أو نكل فحلف الولي وأخذ منه العشر إذا كان القتل عمدا. قال الشافعي: وإذا ادعوا على جماعة فيهم معتوه فهو كالصبي لا يحلف وذلك أنه لا يؤخذ بإقراره على نفسه فإن أفاق من العته أحلف، وتسعه اليمين بعد مسألته عما ادعوا عليه وإن نكل حلف ولاة الدم واستحقوا عليه حصته من الدية وإن ادعوا على قوم فيهم سكران لم يحلف السكران حتى يفيق، ثم يحلف فإن نكل حلف أولياء الدم واستحقوا عليه حصته من الدية. .

* * *

المذهب الحنبلي

١ - قال ابن قدامة: إن امتنع المدعى عليهم من اليمين لم يحبسوا حتى يحلفوا، وعن أحمد رواية أخرى أنهم يحبسون حتى يحلفوا، وهو قول أبي حنيفة، ولنا أنها يمين مشروعة في حق المدعى عليه، فلم يحبس عليها، كسائر الأيمان. إذا ثبت هذا، فإنه لا يجب القصاص بالنكول؛؛ لأنه حجة ضعيفة، فلا يشاط بها الدم، كالشاهد واليمين، قال القاضي: ويديه الإمام من بيت المال نص عليه أحمد. وروى عنه حرب بن إسماعيل، أن الدية تجب عليهم، وهذا هو الصحيح، وهو اختيار أبي بكر؛ لأنه حكم ثبت بالنكول، فيثبت في حقهم هاهنا، كسائر الدعاوى، ولأن وجوبها في بيت المال، يفضي إلى إهدار الدم، وإسقاط حق المدعين، مع إمكان جبره، فلم يجز، كسائر الدعاوى، ولأنها يمين توجهت في دعوى أمكن إيجاب المال بها، فلم تخل من وجوب شيء على المدعى عليه، كما في سائر الدعاوى، وهاهنا لو لم يجب على المدعى عليه مال بنكوله، ولم يجبر على اليمين؛ لخلا من وجوب شيء عليه بالكلية. وقال أصحاب الشافعي: إذا نكل المدعى عليهم ردت الأيمان على المدعين، إن قلنا: موجبها المال. فإن حلفوا، استحقوا، وإن نكلوا، فلا شيء لهم.

وإن قلنا: بوجوب القصاص. فهل ترد على المدعين؟ فيه قولان.


(١) الأم ج٦ ص٨٥ في اختلاف المدعي والمدعى عليه في الدم.