للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما القائلون بوجوب القود فقالوا: إن دعوى القتل إما أن تكون موجهة على أنه عمد أو خطأ، فإذا كان القتل خطأ فليس فيه إلا الدية اتفاقا، وإذا كان القتل عمدا: أ - فقال الأبي " ع ": وعلى إثباتها فالمستحق في الخطأ الدية واختلف في العمد فقال مالك وأحمد والشافعي في أحد قوليه يجب فيها القصاص (١).

واختلف القائلون بها فيما إذا كان القتل عمدا هل يجب القصاص بها؟ فقال معظم الحجازيين: يجب وهو قول الزهري وربيعة وأبي الزناد ومالك وأصحابه والليث والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وداود، وهو قول الشافعي في القديم. وروي عن ابن الزبير وعمر بن عبد العزيز، قال أبو الزناد: قلنا بها وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون أني لأرى أنهم ألف رجل فما اختلف منهم اثنان (٢).

ح - وقال ابن مفلح: ويجب القود في قسامة العمد بشرطه، نص عليه، كسائر قتل العمد. قال أحمد: الذي يدفع القتل في هذا قد يبيحه بأيسر منه، فيبيحه بالظن، فلو حمل عليه بسلاح ليأخذ متاعه أليس دمه هدرا؟ وإنما هو شيء وقع في نفسه لم ينله بشيء، فكذا بما وقع في أنفسهم وعرفوه ويقسمون عليه (٣).

د - وأجاب شيخ الإسلام - رحمه الله - عن سؤال وجه إليه فقال: إذا شهد لأولياء المقتول شاهدان، ولم يثبت عدالتهما: فهذا لوث إذا حلف معه المدعون خمسين يمينا - أيمان القسامة - على واحد بعينه حكم لهم بالدم؛ وإن أقسموا على أكثر من واحد ففي القود نزاع. وأما إن ادعوا أن القتل كان خطأ أو شبه عمد مثل أن يضربوه بعصا ضربا لا يقتل مثله غالبا: فهنا إذا ادعوا على الجماعة أنهم اشتركوا في ذلك فدعواهم مقبولة ويستحقون الدية (٤). واحتجوا على ذلك بالسنة والأثر.

أما السنة

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم (٥)».

قال الباجي: نص على أن المستحق هو الدم ولا خلاف أنه أظهر في القصاص (٦). وقال ابن قدامة: أراد القاتل لأن دم القتيل ثابت لهم قبل اليمين (٧).


(١) الأبي ج٤ ص٣٩٥.
(٢) النووي على مسلم ج١١ ص ١٣٣/ ١٤٤ ويرجع أيضا إلى المغني ج٨ ص٤١٦.
(٣) الفروع ج٣ ص٤٥٤.
(٤) مجموع الفتاوى ج٣٤ ص١٥٠ - ١٥١
(٥) صحيح البخاري الأحكام (٧١٩٢)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٦٩)، سنن الترمذي الديات (١٤٢٢)، سنن النسائي القسامة (٤٧١٥)، سنن أبو داود الديات (٤٥٢١)، سنن ابن ماجه الديات (٢٦٧٧).
(٦) المنتقى شرح الموطأ ج٧ ص٥٥
(٧) المغني.