للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعترض عليه بقول ابن حجر: وهذا أي الاستدلال بهذا الحديث على القود يتوقف على ثبوت أنهم كانوا في الجاهلية يقتلون في القسامة (١).

ويجاب عن هذا بقول البيهقي: أخبرنا أبو الحسن بن عبد الله أنبأنا أحمد بن عبيد حدثنا ابن ملحان حدثنا يحيى هو ابن بكير، أنبأنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن أناس من الأنصار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن القسامة كانت في الجاهلية قسامة الدم فأقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما كانت عليه في الجاهلية وقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أناس من الأنصار من بني حارثة ادعوه على اليهود (٢)».

* * *

وأما الأثر فمن ذلك ما ذكره البيهقي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الرفاء البغدادي بخسروجرد، أنبأ أبو عمرو عثمان بن محمد بن بشر، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا إسماعيل بن أبي أويس وعيسى بن مينا قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد أن أباه قال: كان من أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم يعني من أهل المدينة يقولون: يبدا باليمين في القسامة الذين يجيئون من الشهادة على اللطخ والشبهة الخفية ما لا يجيء خصماؤهم وحيث كان ذلك كانت القسامة لهم. قال أبو الزناد وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن رجلا من الأنصار قتل وهو سكران رجلا ضربه بشوبق ولم يكن على ذلك بينة قاطعة إلا لطخ أو شبهة ذلك وفي الناس يومئذ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن فقهاء الناس ما لا يحصى وما اختلف اثنان منهم أن يحلف ولاة المقتول ويقتلوا أو يستحيوا فحلفوا خمسين يمينا وقتلوا، وكانوا يخبرون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالقسامة ويرونها للذي يأتي به من اللطخ والشبهة أقوى مما يأتي به خصمه، ورأوا ذلك في الصهيبي حين قتله الحاطبيون وفي غيره. ثم قال البيهقي: (ورواه ابن وهب عن ابن أبي الزناد وزاد فيه أن معاوية كتب إلى سعيد بن العاص إن كان كما ذكرنا له حقا أن يحلفنا على القاتل ثم يسلم إلينا. أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس الأصم، ثنا بحر بن نصر، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد أن هشام بن عروة أخبره أن رجلا من آل حاطب بن أبي بلتعة كانت بينهم وبين رجل من آل صهيب منازعة فذكر الحديث في قتله قال: فركب يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب إلى عبد الملك بن مروان في ذلك فقضى بالقسامة على ستة نفر من آل حاطب فثنى عليهم الأيمان فطلب آل حاطب أن يحلفوا على اثنين ويقتلوهما فأبى عبد الملك إلا أن يحلفوا على واحد ليقتلوه فحلفوا على الصهيبي فقتلوه. قال هشام: فلم ينكر ذلك عروة ورأى أن قد أصيب فيه الحق. وروينا فيه عن الزهري وربيعة ويذكر عن ابن أبي مليكة عن عمر بن عبد العزيز وابن الزبير أنهما أقادا بالقسامة) (٣) أهـ. كلام البيهقي.


(١) فتح الباري ج١٢ ص١٩٨.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي ج٨ ص ١٢٢.
(٣) السنن الكبرى ج٨ ص١٢٧.