للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما ذكره عن أبي الزناد من القتل بالقسامة بمحضر عدد كبير من الصحابة - رضي الله عنه - ذكره القاضي عياض بلفظ (واقتلنا بالقسامة والصحابة متوافرون، إني لأرى أنهم الف رجل فما اختلف منهم اثنان). وقد علق الحافظ ابن حجر على ذلك بقوله: (قلت إنما نقل ذلك أبو الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت كما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، وإلا فأبو الزناد لا يثبت أنه رأى عشرين من الصحابة فضلا عن الف) (١). .

وأما ما ذكره البيهقي عن معاوية أنه أقاد بالقسامة، فقد نقل الحافظ عن ابن بطال أنه قال: وصح عن معاوية بن أبي سفيان أنه أقاد بالقسامة، ذكر ذلك عن أبي الزناد في احتجاجه على أهل العراق، ثم الحافظ ابن حجر العسقلاني: (قلت: هو في صحيفة عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه ومن طريقه أخرجه البيهقي قال: - أي أبو الزناد - حدثني خارجة بن زيد بن ثابت قال: قتل رجل من الأنصار رجلا من بني العجلان ولم يكن على ذلك بينة ولا لطخ، فأجمع رأي الناس على أن يحلف ولاة المقتول ثم يسلم إليهم فيقتلوه. فركبت إلى معاوية في ذلك فكتب إلى سعيد بن العاص: إن كان ما ذكره حقا فافعل ما ذكروه، فدفعت الكتاب إلى سعيد فأحلفنا خمسين يمينا ثم أسلمه إلينا) (٢).

وقد جمع الحافظ بين ما رواه حماد بن سلمة في مصنفه ومن طريق ابن المنذر قال حماد عن ابن أبي مليكة: سألني عمر بن عبد العزيز عن القسامة فأخبرته أن عبد الله بن الزبير أقاد بها وأن معاوية يعني ابن أبي سفيان لم يقد بها وهذا سند صحيح، وجاء في باب القسامة من صحيح البخاري بلفظ (وقال ابن أبي مليكة: لم يقد بها معاوية) جمع الحافظ بين هذا وبين ما تقدم عن معاوية أنه أقاد بها بقوله: (قلت: يمكن الجمع بأن معاوية لم يقد بها لما وقعت له وكان الحكم في ذلك، ولما وقعت لغيره وكل الأمر في ذلك إليه ونسب إليه أنه أقاد بها لكونه أذن في ذلك) قال: ويحتمل أن يكون معاوية كان يرى القود بها ثم رجع عن ذلك أو بالعكس) (٣).

وأما ما ذكره البيهقي عن ابن الزبير أنه أقاد بالقسامة، فقد قال ابن حزم: (صح عنه من أجل إسناد أنه أقاد بالقسامة، وأنه رأى القود بها في قتيل وجد، وأنه رأى الحكم للمدعين بالأيمان، وأنه رأى أن يقاد بها من الجماعة للواحد: روى ذلك عنه أوثق الناس سعيد بن المسيب وقد شاهد تلك القصة كلها. وعبد الله بن أبي مليكة قاضي ابن الزبير) (٤).

وأما ما ذكره البيهقي عن عمر بن عبد العزيز أنه أقاد بالقسامة فقد قال ابن حزم: (صح عنه أي عن عمر بن عبد العزيز أنه أقاد بالقسامة صحة لا مغمز فيها) (٥). . وقد مضت مناقشة ما نقل عن معاوية وعمر بن عبد العزيز عند الكلام عن حكم القسامة.


(١) فتح الباري ج١٢ ص١٩٧
(٢) فتح الباري ج١٢ ص١٩٣.
(٣) فتح الباري ج١٢ ص١٩٣.
(٤) المحلى ج١١ ص٧٠
(٥) المحلى ج١١ ص١١١