للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال النووي نقلا عن القاضي عياض: وقال الكوفيون والشافعي - رضي الله عنه - في أصح قوليه: لا يجب بها القصاص وإنما تجب الدية، وهو مروي عن الحسن البصري والشعبي والنخعي وعثمان الليثي (١) والحسن بن صالح وروي أيضا عن أبي بكر وابن عباس ومعاوية - رضي الله عنهم - (٢).

واحتجوا لذلك بالنسبة والأثر:

أما السنة: ما رواه مالك في الموطأ عن ابن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال، من كبراء قومه «أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في فقير بئر أو عين، فأتى يهود وقال: أنتم والله قتلتموه، قالوا: والله ما قتلناه، فأقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل، فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كبر كبر " يريد السن، فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إما أن تدوا صاحبكم وإما أن تؤذنوا بحرب " فكتب إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: " أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لا، قال: " أفتحلف لكم يهود " قالوا: ليسوا مسلمين فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عنده، فبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار، قال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء (٣)».

قال القرطبي: (قالوا - أي الذين لا يرون سوى الدية في القسامة (هذا يدل على الدية لا على القود) (٤). . ومنها ما رواه البخاري في " باب القسامة " قال: (حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، حدثنا الحجاج بن أبي عثمان، حدثني أبو رجاء من آل أبي قلابة: حدثني أبو قلابة «أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس، ثم أذن لهم فدخلوا، فقال: ما تقولون في القسامة؟ قال: نقول: القسامة القود بها حق، وقد أقادت بها الخلفاء (٦)» إلى آخر الحديث (٧).


(١) كذا في الأصل.
(٢) النووي على مسلم ج١١ ص١٤٤ ويرجع أيضا إلى المغني ج٨ ص٤١٦.
(٣) الموطأ رواية يحيى الليثي بشرح الزرقاني ج٤ ص٥٢.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ج١ ص١٥٩
(٥) صحيح البخاري الديات (٦٨٩٩).
(٦) (٥). قال لي: ما تقول يا أبا قلابة؟ ونصبني للناس، فقلت: يا أمير المؤمنين، عندك رءوس الأجناد وأشراف العرب: أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن بدمشق أنه قد زنى، ولم يروه، أكنت ترجمه؟ قال: لا. قلت: أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق، أكنت تقطعه ولم يروه؟ قال: لا، قلت: فوالله ما قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا قط إلا في إحدى ثلاث فقال: رجل قتل بجريرة نفسه فقتل، أو رجل زنى بعد إحصان، أو رجل حارب الله ورسوله، وارتد عن الإسلام
(٧) صحيح البخاري بشرح فتح الباري ج١٢ ص٢٠٠ - ٢٠٤.