كتاب مجلة البحوث الإسلامية

مشاهد المؤمنين يوم القيامة - ثالثا من يغبطون في موقف الحساب - ج: 43 - ص: 359

هاتين، ووعاه قلبي هذا - وأشار إلى مناط قلبه - رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله (١)».

إن هذه الخصلة الحميدة التي يحصل بها الإفراج عن الآخرين (المعسرين) وأثرها العميق في النفوس، حيث إبراء الذمم مما قد ارتهنت به من الحقوق وعدم استطاعتها من الوفاء بذلك والتخلص من شراكه، والذي جاء بالعفو ممن رغبوا في ثواب الله تعالى ومشاركة إخوانهم المشاعر والأحوال والإيثار الذي قد يصعب أن يكون من أحد إلا لمن وفق إلى الخير. فكان الجزاء من الله تعالى على ذلك أعظم، وذلك بأن يفرج عنهم هم الموقف يوم القيامة وكرباته مثلما فرجوا عن إخوانهم في الدنيا فيظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله

يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (٢)» إنها المحبة في الله تعالى لأن المحبة لغير الله باطلة قال تعالى:

---

(١) رواه مسلم في صحيحه كتاب الزهد من حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر حديث ٣٠٠٦ ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة كتاب البيوع باب ٦٧ حديث ١٣٠٦ وقال: حسن صحيح، ورواه ابن ماجه في سننه كتاب الصدقات باب ١٤، ورواه الدارمي في سننه كتاب البيوع باب ٥٠، ورواه أحمد في المسند عن أبي هريرة ٢/ ٣٥٩.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند ٢/ ٢٣٧، ٣٢٨، وإسناده صحيح قاله أحمد محمد شاكر ١٢/ ٢٢٠ حديث ٧٢٣٠، ورواه مالك في الموطأ كتاب الشعر باب ١٣، والدارمي في كتاب الرقاق باب ٤٤.