للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمر الله به ورسوله؛ لأنه لا يتم إيمانهم إلا بطاعة الله ورسوله ولهذا قال سبحانه: {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (١)؛ بسبب إيمانهم الصحيح وسلامتهم من الشرك.

وكل معصية تنقص الأمن وتنقص الهداية، فمن آمن إيمانا كاملا بطاعة الله ورسوله وتوحيد الله والإخلاص له وترك الإشراك به وترك المعاصي صار الأمن في حقه كاملا، وصارت الهداية كاملة في الدنيا والآخرة.

أما من تعاطى شيئا من المعاصي فإن أمنه ينقص بذلك، وهدايته تنقص بحسب ما عنده من المعاصي والشرور؛ كما دلت على ذلك النصوص الأخرى من الكتاب والسنة، لكن ما دام على التوحيد فهو من أهل الأمن، وهو من أهل الهداية، وإن جرى عليه خطوب وإن عذب بمعاصيه، لكن مصيره في النهاية إلى الجنة إذا مات على التوحيد والإيمان، وإن دخل النار يعذب على قدر معاصيه، ثم يخرج منها إلى الجنة خلافا للخوارج والمعتزلة، فالخوارج والمعتزلة يقولون: من دخل النار لا يخرج منها أبدا، وهذا قول باطل مخالف للكتاب والسنة ولإجماع الأمة، فإن أهل السنة والجماعة يقولون: قد يدخل العاصي النار؛ كما جاءت به النصوص، ويعذب بمعاصيه لكن يخرج منها بعد التطهير والتمحيص، إذا كان مسلما موحدا دخل النار بمعاصيه؛ كالزنا والعقوق وشرب الخمر وأكل الربا ونحو ذلك إذا مات على ذلك ولم يتب، فقد يعذب، وقد يعفو الله سبحانه عنه لأسباب كثيرة، وقد يعذب في النار على قدر هذه الجرائم التي مات عليها،


(١) سورة الأنعام الآية ٨٢