للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بعدما يطهر بالنار من هذه الجرائم يخرجه الله من النار؛ كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأجمع على ذلك أهل السنة والجماعة.

ويشفع النبي صلى الله عليه وسلم عدة شفاعات في العصاة من أمته الذين دخلوا النار ويخرجهم الله بشفاعته، ويشفع الأنبياء والمؤمنون والأفراط والملائكة، وكلهم يشفعون، ولا يبقى في النار مخلدا فيها إلا أهل الشرك بالله والكفرة، فإنهم هم الذين يبقون في النار مخلدين أبد الآباد؛ كما قال الله سبحانه في سورة البقرة: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (١)، وقال في سورة المائدة: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (٢)، وقال في سورة النبأ: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} (٣) والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وأما عصاة الموحدين الذين ماتوا على الإسلام ولكن لهم معاصي لم يتوبوا منها، فإنهم لا يخلدون في النار إن دخلوها، بل يعذبون فيها تعذيبا مؤقتا، وقد يخلدون فيها تخليدا مؤقتا، فإن الخلود خلودان: خلود دائم، وهذا للكفار وحدهم؛ وخلود مؤقت لبعض العصاة، وقد يطول بقاؤهم في النار لشدة معاصيهم وكثرتها، ثم بعد المدة التي كتبها الله عليهم يخرجهم الله من النار إلى الجنة؛ كما جاء ذلك في القاتل والزاني، لكنه خلود مؤقت له


(١) سورة البقرة الآية ١٦٧
(٢) سورة المائدة الآية ٣٧
(٣) سورة النبأ الآية ٣٠