للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فصل) وإن باع مدي تمر رديء بدرهم، ثم اشترى بالدرهم تمرا جنيبا، أو اشترى من رجل دينارا صحيحا بدراهم، وتقابضا، ثم اشترى منه بالدراهم قراضة من غير مواطأة، ولا حيلة، فلا بأس به، وقال ابن أبي موسى: (لا يجوز إلا أن يمضي إلى غيره ليبتاع منه، فلا يستقيم له، فيجوز أن يرجع إلى البائع فيبتاع منه). وقال أحمد، في رواية الأثرم: (يبيعها من غيره أحب إلي) قلت له: قال: (لم يعلمه أنه يريد أن يبيعها منه؟) فقال: (يبيعها من غيره، فهو أطيب لنفسه وأحرى أن يستوفي الذهب منه، فإنه إذا ردها إليه لعله أن لا يوفيه الذهب، ولا يحكم الوزن، ولا يستقصي)، يقول: (هي ترجع إليه). قيل لأبي عبد الله: (فذهب ليشتري الدراهم بالذهب الذي أخذه منه من غيره، فلم يجدها، فرجع إليه)، فقال: (إذا كان لا يبالي اشترى منه أو من غيره، فنعم). فظاهر أن هذا وجه الاستحباب، لا الإيجاب). ولعل أحمد إنما أراد اجتناب المواطأة على هذا، ولهذا قال: (إذا كان لا يبالي اشترى منه أو من غيره، فنعم)، وقال مالك: (إن فعل ذلك مرة، جاز، وإن فعله أكثر من مرة، لم يجز؛ لأنه يضارع الربا).

ولنا: ما روى أبو سعيد قال: «جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من أين هذا؟ قال بلال: كان عندنا تمر رديء، فبعت صاعين بصاع، ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوه عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري، فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتر به (١)».


(١) صحيح البخاري الوكالة (٢٣١٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٦٧).