للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الأثر الذي أخرجه الثوري في جامعه وابن أبي شيبة عن منصور بسند صحيح إلى الشعبي أنه وجد قتيل بين حيين من العرب، فقال عمر: قيسوا ما بينهما، الحديث، وأخرجه الشافعي وفي تسمية الحيين خيوان ووادعة. فقد قال ابن حزم: " إنه مرسل؛ لأنه عن عمر من طريق الشعبي ولم يولد إلا بعد موت عمر بأزيد من عشرة أعوام أو نحوها (١). وقال البيهقي: في الجواب عنه من ناحية ما فيه من مخالفة النصوص الدالة على البدء بولاة الدم في الأيمان قال: أما الأثر الذي أخبرنا أبو حازم الحافظ أنبأنا أبو الفضل بن خميرويه، أنبأنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن عامر يعني الشعبي أن قتيلا وجد في خربة وادعة همدان فرفع إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأحلفهم خمسين يمينا ما قتلناه ولا علمنا قاتلا ثم أغرمهم الدية ثم قال: يا معشر همدان حقنتم دماءكم بأيمانكم فما يطل دم هذا الرجل المسلم، وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس الأصم أنبأنا الربيع بن سليمان أنبأنا الشافعي ثنا سليمان عن منصور عن الشعبي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب في قتيل وجد بين خيوان ووادعة أن يقاس ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب أخرج إليه منهم خمسون رجلا حتى يوافوه مكة فأدخلهم الحجر فأحلفهم ثم قضى عليهم بالدية فقالوا: ما وقت أموالنا أيماننا ولا أيماننا أموالنا، قال عمر - رضي الله عنه -: كذلك الأمر. قال الشافعي: وقال غير سفيان عن عاصم الأحول عن الشعبي قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: حقنتم بأيمانكم دماءكم ولا يطل دم مسلم فقد ذكر الشافعي - رحمه الله - في الجواب عن ما يخالفون عمر - رضي الله عنه - في هذه القصة من الأحكام، قيل له أثابت هو عندك؟ قال: إنما رواه الشعبي عن الحارث الأعور والحارث مجهول ونحن نروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإسناد الثابت أنه بدا بالمدعين، فلما لم يحلفوا قال: «فتبرئكم يهود يمينا (٢)» وإذ قال: تبرئكم فلا يقول عليهم غرامة ولما لم يقبل الأنصاريون أيمانهم وداه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجعل على يهود ولا القتيل بين أظهرهم شيئا قال الربيع: أخبرني بعض أهل العلم عن جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: " حارث الأعور كان كذابا وروى عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عمر - رضي الله عنه - ومجالد غير محتج به وروى عن مطرف عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع عن عمر وأبو إسحاق لم يسمع من الحارث بن الأزمع، قال علي بن المديني عن أبي زيد عن شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدث حديث الحارس بن الأزمع أن قتيلا وجد بين وادعة وخيوان فقلت: يا أبا إسحاق من حدثك؟ قال: حدثني مجالد عن الشعبي عن الحارث بن الأزمع فعادت رواية أبي إسحاق إلى حديث مجالد واختلف فيه على مجالد في إسناده ومجالد غير محتج به والله أعلم، هذا كلام البيهقي في السنن الكبرى (٣). وأخرج في المعرفة عن ابن عبد الحكم أنه قال: سمعت الشافعي يقول: " سافرت خيوان، ووادعة أربع عشرة سفرة، وأنا أسألهم عن حكم عمر بن الخطاب في القتيل، وأنا أحكي لهم ما روي عنه فيه، فقالوا: هذا شيء ما كان ببلدنا قط " (٤).


(١) المحلى ج١١ ص٦٩.
(٢) موطأ مالك القسامة (١٦٣١).
(٣) ج٨ ص٢٣ - ٢٤.
(٤) نصب الراية ج٤ ص٣٥٥.