للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إسلام المتبايعين، فليس بشرط لجريان الربا، فيجري الربا بين أهل الذمة، وبين المسلم والذمي؛ لأن حرمة الربا ثابتة في جهنم؛ لأن الكفار مخاطبون بشرائع هي حرمات إن لم يكونوا مخاطبين بشرائع هي عبادات عندنا. قال الله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} (١).

وروي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى مجوس هجر: إما أن تذروا الربا، أو تأذنوا بحرب من الله ورسوله». وهذا في نهاية الوعيد فيدل على نهاية الحرمة، والله سبحانه وتعالى أعلم (٢).

ب - قال: (ولا بين المسلم والحربي في دار الحرب)

خلافا لأبي يوسف رحمه الله، والشافعي رحمه الله: لهما الاعتبار بالمستأمن منهم في دارنا، ولنا: قوله عليه الصلاة والسلام: «لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب»، ولأن مالهم مباح في دارهم فبأي طريق أخذه المسلم، أخذ مالا مباحا إذا لم يكن منه غدر بخلاف المستأمن منهم؛ لأن ماله صار محظورا بعقد الأمان.

(قال) أي القدوري في مختصره: (ولا ربا بين المولى وعبده؛ لأن العبد وما في يده ملك مولاه فلا يتحقق الربا وهكذا) أي: عدم كون الربا بين المولى وعبده (إذا كان) أي: العبد (مأذونا له) في التجارة ولم يكن عليه دين، أما إذا كان عليه دين لا يجوز بالاتفاق؛ لأن ما في يده ليس ملك


(١) سورة النساء الآية ١٦١
(٢) بدائع الصنائع ٣١٢٧.