للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون حله أولى إذا أخذه المسلم برضاه، ولو بصورة العقود الباطلة في دار الإسلام بين المسلمين والخاضعين لحكمهم من غيرهم؟

إنه لم يظهر لي أدنى وجه لقياس حل سائر المحرمات كالكفر والخمر والميتة، وهي من المحرمات لذاتها في دار الإسلام ودار الحرب على مال الحربيين المباح في أصل الشريعة؛ إذ الأصل في القياس أن يلحق الشيء بمثله في علة الحكم لا بضده.

هذا وإن الربا الذي حرمه الله تعالى في دار الإسلام، وكذا في دار الحرب بين المسلمين إن وجدوا فيها، هو نوع من أنواع أكل المال المحترم بالباطل، وأخذ المال من صاحبه برضاه واختياره ليس من أكله بالباطل، والمضطر إلى أخذ المال بالربا لا يعطي الزيادة برضاه واختياره، والشرع لم يجعل له حقا بأخذها فكانت حراما؛ لأنها من قبيل الغصب على كونها بدون مقابل، ولذلك عللت في نص القرآن بأنها ظلم؛ إذ قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (١)، وظلم الحربي غير محرم؛ لأنه جزاء على ظلمه، فإنه لا يكون إلا أشد ظلما من المسلم؛ لأنه يخون والمسلم لا يخون، ولأن المسلم يمنعه دينه من أعمال في الحرب، ومع أهل الحرب لا يمنع الكافر دينه منها؛ كقتل غير المقاتلين والتمثيل بالقتلى وغير ذلك مما هو معروف في الإسلام، ونرى غير المسلمين يرتكبونه، حتى في البلاد التي جعلوها تحت حكمهم لا المحاربة لهم فقط،


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٩