للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان كثير من البلاد الإسلامية في أشد الحاجة إلى تنمية رأس المال القومي لمواجهة مرحلة التصنيع التي تجتازها الآن، والتصنيع يحتاج إلى تمويل ضخم، والتمويل الضخم لا يتأتى إلا إذا اشترك فيه كل مواطن على قدر سعته، حتى لو لم يكن من الأغنياء الذين يودعون فائض أموالهم في بنوك الودائع، فقد نشأت الضرورة إلى تشجيع الادخار عند سواد الشعب.

كيف يمكن مواجهة هذه الضرورة؟

مواجهتها لا تكون إلا بإغراء الناس على الادخار، والإغراء قد يتخذ إحدى صورتين لا ثالث لهما:

الصورة الأولى: تكون بتنفيذ عقد المضاربة. فالمدخرات الصغيرة التي تتجمع في صناديق الادخار توجهها الهيئات المشرفة عليها إلى استثمارات تؤتي ربحا وبعضها قد لا يؤتي ربحا، ومن التسوية في نهاية العام يتضح صافي الربح الذي توزعه على المدخرين بنسبة مدخراتهم، وفي هذه العملية تستوي هيئات الادخار مع بنوك الودائع في الاستناد إلى عقد المضاربة.

هذا الربح قد يكثر في عام، وقد يقل في عام، وقد ينعدم في عام ثالث، كما يحصل في استثمار البنوك لودائع المودعين: وإذا لن تلتزم هيئة الادخار بفرض ربح معين للمدخر، بل تترك تحديد الربح إلى نهاية العام.

ولكن المدخر الصغير قد لا يقبل على حرمان نفسه من بعض دخله إذا لم يكن واثقا من ربح معين محدود مهما كان طفيفا يظفر به نظير هذا الحرمان، فليست عنده روح المغامرة التي توجد عند كبار أصحاب المال الذين يودعون أموالهم في البنوك لآجال معينة، ومن أجل ذلك تعرض الصورة الثانية، وأترك البت في شرعيتها إلى اجتهاد الفقه الإسلامي، وإن