للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنت أضع أمامه الملاحظات التي قد تنير له الطريق.

الصورة الثانية: تحدد الهيئة المشرفة على الادخار - سواء كانت مصلحة حكومية، أو مؤسسة عامة، أو بنكا مؤمنا - بنسبة معينة من رأس المال المدخر، تحددها مقدما كربح نتيجة استثمارها للمال المدخر. فنقول مثلا: كل جنيه يدخر مدى عام تصرف الهيئة لصاحبه ٤ أو ٥ % منه.

ولنبدأ بالملاحظات التي نضعها تحت أنظار فقهنا الإسلامي:

الملاحظة الأولى: المظهر في هذه العملية مظهر ربوي. ولكن إذا تأملنا في الواقع نجد أننا لسنا هنا نتعامل مع شخص مراب همه ينحصر في اقتطاع الفائدة الربوية، بل العملية تقوم بين مدخر صغير من جانب وهيئة حكومية من جانب آخر، أي ولي الأمر الذي يمثل المجتمع ونصيبه في ربح هذه المدخرات يرده إلى المجتمع في صورة مصانع، أو منشآت تخدم المجتمع كله، فاختلفت هنا بشاعة الربا، وبشاعة ظلم المرابي، وبشاعة الاغتناء الفاحش الذي يمتصه المرابون من دماء المجتمع.

الملاحظة الثانية: قد يقال: إن هذه العملية تنطوي على مخالفة لأحكام عقد المضاربة الذي يشترط فيه أن يكون الربح الذي يتفق عليه بين رب المال (المدخر)، وبين الهيئة المشرفة على الادخار (المضارب)، ربحا غير محدود النسبة إلى رأس المال بأن يكون لأحدهما نصف الربح قل، أو كثر، وللآخر النصف الباقي، أو الثلث، أو الربع: أما تحديده بنسبة معينة من رأس المال فشرط باطل، وإذا لم يأت العمل بأي ريع فلا ريع مطلقا لرب المال (المدخر) والتحديد بنسبة ثابتة من رأس المال المدخر يعيبه فوق ذلك عيب الغرر.