أضرارا فادحة، هذه حقيقة ثابتة استنبطها العلم - علم المالية العامة وعلم السياسة - من واقع تجارب الشعوب والدول.
فإذا كان ولي الأمر قد استنفد الطاقة الضريبية لشعبه، ولا زالت البلاد في حاجة ماسة إلى تنمية رأس المال القومي، فأين يكون اختياره؟ أيختار تجاوز الطاقة الضريبية بما يرهق الشعب ويعطل قواه الإنتاجية ويؤثر أسوأ تأثير في الاقتصاد القومي؟ أم يختار حث الشعب في جملته على الادخار، ولو بشيء يسير يترك تقديره لكل مواطن؟ ثم يغريه بربح معين ثابت على كل ما يدخره، ومن مجموع هذه المدخرات الصغيرة يتكون رأس مال كبير يمكن ولي الأمر من أداء الخدمات التي يتطلبها الشعب، ويحقق الأماني التي يتطلع إليها الشعب.
فهذه مجرد ملاحظات مستقاة من الواقع، لا أقطع فيها برأي وإنما أضعها تحت أنظار فقهنا الإسلامي ليتولى هو البت فيها وفي الخيار الذي يشير به على ولي الأمر.
الخلاصة:
ها نحن رسمنا صورتين: الأولى: لا جدال في شرعيتها، إذا كان نفاذها يكفله أنها تتفق مع ميول البيئة التي يراد سريانها فيها وتتجاوب مع شيمتها وخصالها. والثانية: يشوبها بعض الشك في شرعيتها، ولكنها قد تكون أكثر تجاوبا مع ميول بيئات أخرى درجت على ألا تجازف بادخار شيء إلا إذا كفلت لما تدخره ربحا محدودا من البداية (١).
(١) التوجيه التشريعي في الإسلام من بحوث مؤتمرات مجمع البحوث الإسلامية ج ٢ ص ٦٦.