للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عطاء: قال ابن عباس - رضي الله عنه -: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه فلما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اصرخ أيها الناس هل تدرون أي شهر هذا؟» الحديث ثم قال الحاكم بعد إخراجه: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي على تصحيحه.

ومحل الشاهد من هذا الحديث قوله: «فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه فلما وقف بعرفة (١)» إلخ وجه الدلالة قد يقال: إن عطف الوقوف بالفاء على ذبح سعد تيسه عن نفسه يدل على جواز ذبح الهدي بعد الإحرام بالحج.

والجواب أن ذبح سعد للتيس كان يوم النحر بدليل ما رواه الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: أخبرني عكرمة مولى ابن عباس زعم أن ابن عباس أخبره «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم غنما يوم النحر في أصحابه وقال: " اذبحوها لعمرتكم فإنها تجزئ " فأصاب سعد بن أبي وقاص تيسا (٢)» وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: أخرجه الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح فرواية الإمام أحمد مفسرة لرواية الحاكم وحينئذ لا دلالة في الحديث.

* * *

وأما المعنى فمن وجوه

أحدها ما ذكره الشيرازي بقوله إن شرائط الدم إنما توجد بوجود الإحرام فوجب أن يتعلق الوجوب به انتهى ويمكن أن يناقش ذلك بأنه دليل اجتهادي ولا اجتهاد مع النص وقد سبق ما يدل على خلاف ذلك عند الكلام على أدلة المذهب الأول.

الثاني ويجاب أيضا بما أجيب به من الوجه الثاني عن الآية التي استدل بها أهل هذا القول، ما سبق من المناقشة لاستدلال أهل القول الأول بقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٣) والمحل المقصود من المناقشة جواز ذبح الهدي قبل يوم النحر قياسا على جواز الصيام؛ لأنه بدله والبدل له حكم المبدل منه.

الثالث ويجاب عن هذا بما أجيب به عنه هناك تركنا إعادته هنا اختصارا. ما ذكره النووي بقوله " ولا يتوقت بوقت كسائر دماء الجبران ".

ويناقش ذلك بما ذكره ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه زاد المعاد ١/ ٢١٧ من أنه دم شكران لا دم جبران.


(١) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٠٧).
(٢) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٠٧).
(٣) سورة البقرة الآية ١٩٦