للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدم وقوعه ولم يأمرهم بالتحلل من العمرة إلا أنهم ليس معهم هدي.

وأما المعنى: فقال الشيرازي: إنه حق مالي يجب بشيئين فجاز تقديمه على أحدهما كالزكاة بعد ملك النصاب، ويمكن أن يناقش ذلك بأنه دليل اجتهادي في مقابل نص ولا اجتهاد مع النص وقد مضى ذلك. د (وأما من قال من الشافعية ومن وافقهم بأنه يجوز بعد الإحرام بالحج فقد استدلوا بالكتاب والسنة والمعنى. أما الكتاب فقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١)، ووجه الدلالة ما ذكره الشيرازي وغيره من أن الله أوجب الهدي على المتمتع وبمجرد الإحرام بالحج يسمى متمتعا فوجب حينئذ؛ لأنه يطلق على المتمتع وقد وجد ولأن ما جعل غاية تعلق الحكم بأوله كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٢)، فالصيام ينتهي بأول جزء من الليل فكذلك التمتع يحصل بأول جزء من الحج وهو الإحرام.

ويجاب عن الاستدلال بهذه الآية بما أجيب به عن الاستدلال بها لمن قال بجواز ذبحه إذا أحرم بالعمرة أو بعد تحلله منها وقد سبق، ويجاب أيضا بأن المتمتع لا يتحقق بإحرام الحج لاحتمال أن الحج قد يفوته بسبب عائق عن الوقوف بعرفة؛ لأنه لو فاته لا يسمى متمتعا.

وأما السنة: فقد استدلوا بأدلة:

الأول ما رواه مسلم في صحيحه قال: وحدثني محمد بن حاتم حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا (٣)» من حجهم في هذا الحديث. وجه الدلالة قد يقال أن هذا الحديث يدل على جواز ذبح هدي التمتع بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج فيدل بطريق الأولى على جوازه بعد الإحرام بالحج.

وقد مضت مناقشة هذا الدليل عند الاستدلال به لمن قال بجواز ذبحه بعد التحلل من العمرة وبهذا يتبين أنه لا دلالة فيه ويجاب ثانيا بما أجيب به من الوجه الثاني عن الاستدلال بالآية. الدليل الثاني ما أخرجه الحاكم في المستدرك قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم ثنا أحمد بن النضر بن عبد الوهاب، ثنا يحيى بن أيوب، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي عن محمد بن إسحاق، ثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد وعطاء، عن جابر بن عبد الله قال: «كثرت القالة بين الناس فخرجنا حجاجا حتى لم يكن بيننا وبين أن نحل إلا ليال قلائل أمرنا بالإحلال» الحديث إلى أن قال:


(١) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٧
(٣) صحيح مسلم الحج (١٣١٨).