جائز لمن بعدهم خلافهم إذا لم يرد عن أحد من نظرائهم خلافه فثبتت حجته.
وأيضا فإن سبيل تقدير النحر التوقيف أو الاتفاق إذ لا سبيل إليها من طريق القياس فلما قال: من ذكرنا قوله من الصحابة بالثلاثة صار ذلك توقيفا كما قلنا في مقدار مدة الحيض وتقدير المهر ومقدار التشهد في إكمال فرض الصلاة وما جرى مجراها من المقادير التي طريق إثباتها التوقيف أو الاتفاق وإذا قال به قائل من الصحابة ثبتت حجته وكان ذلك توقيفا.
وأما الأثر فقد نقله الجصاص وغيره عن علي وابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وأبي هريرة وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب.
* * *
وأما المعنى فمن وجهين
:
أحدها ما ذكره الجصاص بقوله: قد ثبت الفرق بين أيام النحر وأيام التشريق؛ لأنه لو كانت أيام النحر أيام التشريق لما كان بينهما فرق وكان ذكر أحد العددين ينوب عن الآخر فلما وجدنا الرمي في يوم النحر وأيام التشريق ووجدنا النحر يوم النحر وقال قائلون: إلى آخر أيام التشريق وقلنا نحن يومان بعده وجب أن نوجد فرقا بينهما لإثبات فائدة كل واحد من اللفظين وهو أن يكون من أيام التشريق ما ليس من أيام النحر وهو آخر أيامها.
الثاني ما ذكره الباجي بقوله هو يوم مشروع النحر قبله فلم يكن من أيام الذبح كالخامس. القول الثاني أن وقت الذبح ينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق وبهذا قال الشافعي: واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ومن وافقهم من أهل العلم قال الشافعي: والأضحية جائزة يوم النحر وأيام منى كلها، وقال المرداوي في الإنصاف: قال في الإيضاح: آخره آخر يوم من أيام التشريق واختاره ابن عبدوس في تذكرته بأن آخره آخر اليوم الثالث من أيام التشريق واختاره الشيخ تقي الدين قاله في الاختيارات وجزم به ابن رزين في نهايته والظاهر أنه مراد صاحب النهاية فإن كلامه محتمل.
وقال ابن القيم في زاد المعاد وهو مذهب إمام أهل الهجرة الحسن وإمام أهل مكة عطاء بن أبي رباح وإمام أهل الشام الأوزاعي وإمام فقهاء أهل الحديث الشافعي - رحمه الله - واختاره ابن المنذر واستدل لهذا القول بالكتاب والسنة والأثر والمعنى أما الكتاب فقوله تعالى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}(١)، الآية.