للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه الدلالة أن المراد بالمعلومات أيام النحر يوم العيد وثلاثة أيام بعده واستدلوا لهذا التوجيه بقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (١).

* * *

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: هذه الأيام الثلاثة تختص بأنها أيام منى وأيام الرمي وأيام التشريق ويحرم صيامها فهي أخوة في هذه الأحكام فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نص ولا إجماع.

وأما السنة فقد استدلوا بأدلة:

الأول: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر هديه يوم النحر ضحى». وجه الدلالة ما ذكره الشافعي بقوله: فلما لم يحظر على الناس أن ينحروا بعد يوم النحر بيوم أو يومين لم نجد اليوم الثالث مفارقا لليومين قبله؛ لأنه ينسك فيه ويرمى كما ينسك ويرمى فيهما.

الثاني: ما رواه سليمان بن أبي موسى عن أبي حسين عن جبير بن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل عرفات موقف وارتفعوا عن عرنة وكل مزدلفة موقف وارتفعوا عن محسر وكل فجاج مكة منحر وكل أيام التشريق ذبح (٢)».

وهذا نص في الدلالة أن كل أيام النحر بأنها ثلاثة بعد العيد وأجيب عن هذا الحديث بما نقله الرازي عن الإمام أحمد أنه قال جوابا لمن سأله عن هذا الحديث قال: لم يسمعه ابن أبي حسين بن جبير بن مطعم وأكثر روايته عنه سهو. وقال الرازي: وقد قيل إن أصله ما رواه مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج عن أبيه قال: سمعت أسامة بن زيد يقول: سمعت عبد الله بن أبي حسين يخبر عن عطاء بن أبي رباح وعطاء يسمع قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر (٣)» فهذا أصل الحديث ولم يذكر فيه «وكل أيام التشريق ذبح (٤)» ويشبه أن يكون الحديث الذي ذكره فيه هذا اللفظ إنما هو من كلام جبير بن مطعم أو من دونه؛ لأنه لم يذكره.

وأجاب ابن القيم عن ذلك بقوله وروي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كل منى منحر وكل أيام التشريق ذبح (٥)» وروي من حديث جبير بن مطعم وفيه انقطاع ومن حديث أسامة بن زيد عن عطاء عن جابر قال يعقوب بن سفيان: أسامة بن زيد عند أهل المدينة ثقة


(١) سورة البقرة الآية ٢٠٣
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨٢).
(٣) سنن أبو داود المناسك (١٩٣٧)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٤٨)، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٧٩).
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨٢).
(٥) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨٢).