للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن أم سلمة - رضي الله عنها - طافت وهي راكبة (١) وكان لهما عذر، فإن عذر النبي - صلى الله عليه وسلم - ازدحام الناس، ولأجل تعليمهم كيفية الطواف والإجابة على أسئلتهم. وعذر أم سلمة - رضي الله عنها - كما ذكر في الحديث كانت مريضة. وإنما الذي اختلف فيه الفقهاء هو صحة طواف الراكب أو المحمول وليس له عذر.

وللعلماء في إجزاء طوافه وصحته ثلاثة أقوال:

القول الأول: من طاف محمولا أو راكبا لغير عذر لا يجزئ طوافه ولا يصح.

وهذا القول مروي عن الإمام أحمد بن حنبل، وهو ظاهر كلام الخرقي، (٢) وعلى هذا فالمشي شرط لصحة الطواف، فإذا طاف راكبا أو محمولا لغير عذر لم يجزئه طوافه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورد عنه أنه قال: «الطواف بالبيت صلاة (٣)»؛ ولأن الطواف عبادة تتعلق بالبيت، فلم يجز فعلها راكبا لغير عذر كالصلاة.

القول الثاني: يجزئه طوافه راكبا ويجبره بدم إذا لم يستطع إعادته.

وبهذا قال أبو حنيفة، (٤) وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل، (٥) ودليل هذا: أنه ترك صفة واجبة في الحج، أشبه ما لو دفع من عرفة قبل


(١) صحيح مسلم شرح النووي ٩/ ٢٠.
(٢) الشرح الكبير مع المغني ٣/ ٣٩٤.
(٣) سنن الترمذي الحج (٩٦٠)، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٤٧).
(٤) فتح القدير ٣/ ٥٨، المبسوط ٤/ ٤٥.
(٥) الشرح الكبير مع المغني ٣/ ٣٩٤.