للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنية منه ومن الحامل له).

الرابع: وقال أبو حفص العكبري: (لا يجزئ الطواف عنهما جميعا؛ لأن فعلا واحد لا يقع عن اثنين، وليس أحدهما أولى به من الآخر) (١).

الترجيح

ترجح عندي القول بصحة الطواف راكبا على (عربية) أو محمولا على ظهر إنسان، أو على أكتاف الرجال في (شبرية)، أو صبيا، كل ذلك ونحوه يصح إذا كان لعذر؛ لما ورد من أدلة سبقت، أما إذا كان لغير عذر فلا يصح؛ لأن الطواف صلاة فلا يصح فعلها راكبا إلا لعذر، فكذلك الطواف، ولأن في المشي فائدة صحية مع ما فيه من طاعة الله.

وأن الراجح صحة الطواف الواحد عن الحامل والمحمول؛ لأنهما نويا الطواف جميعا، وفي الحديث: «إنما الأعمال بالنيات (٢)»، وقد صدق على كل منهما أنه طاف بالبيت، وقياسا على حمله في بقية المناسك؛ كالوقوف بعرفة، ومزدلفة، فإن النسك قد تم لكل منهما، وقياسا على الركوب على بعير، فلو ركبه اثنان فطاف بهما صح طوافهما، ولأن الحامل ازداد كلفة ومشقة.

وأيضا لم ينقل أن أحدا من الصحابة والتابعين قال: أنه لا يجزئ عنهما، ولا شك أنه قد وقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وزمن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم قضايا من هذا النوع، فلم يأمروا الحامل أن يطوف طوافا


(١) الشرح الكبير مع المغني ٣/ ٣٩٦.
(٢) صحيح البخاري بدء الوحي (١)، صحيح مسلم الإمارة (١٩٠٧)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (١٦٤٧)، سنن النسائي الطهارة (٧٥)، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٠١)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٣).