للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو حنيفة (١): إكمال الأشواط السبعة ليس شرطا، ولكنه واجب، فإذا طاف أربعة أو ثلاثة أشواط وأكثر الرابع، فيلزمه إتمام ما بقي من السبعة إن كان بمكة، أو الدم إن سافر لبلده؛ لأنه أتى بأكثر الطواف، والأكثر يقوم مقام الكل فيما يقع به التحلل في باب الحج.

أما إن طاف أقل من ذلك، فيلزمه الرجوع في طواف الإفاضة، ولا يجبره بالدم؛ لأنه فرض.

وخالف ابن الهمام (٢) الحنفية في هذا القول، وجزم بأن السبعة ركن ولا يجزئ أقل منها؛ لأن الطواف ليس من قبيل ما يقام فيه الأكثر مقام الكل.

وقد استدل من اشترط سبعة أشواط كاملة بما يلي:

١ - ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف سبعا كاملة، وهذا بيان للطواف المأمور به، فلا يجوز النقص منه، كالصلاة.

٢ - إن مقادير العبادات لا تعرف بالرأي والاجتهاد، وإنما تعرف بالتوقيف، ورسول الله صلى الله عليه وسلم طاف سبعة أشواط فلا يعتد بما دونها.

والراجح عندي أن عدد الطوفات السبع شرط لصحة الطواف؛ لأن العبادات توقيفية، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمراره على سبعة أشواط في حجه وعمرته مع قوله: «خذوا عني مناسككم» فكان ذلك بيانا للعدد المطلوب من الأشواط، ولأن الطواف صلاة، كما صح ذلك (٣).

والصلاة لو


(١) بدائع الصنائع ٣/ ١١١٠، فتح القدير ٢/ ٤٩٥.
(٢) البحر الرائق ٢/ ٣٥٣، فتح القدير ٣/ ٥٦.
(٣) انظر ص٢١٠ من هذا البحث.