للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جادة الصواب؛ لأن الدعوة إلى الله كالغذاء للجسم لا بد من الاستمرار عليه، والداعي المتبصر هو الذي يتخول الناس بالنصيحة، مثلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بها.

وهؤلاء العارفون هم الذين أخبر صلى الله عليه وسلم عنهم بأنهم يجددون على رأس كل قرن للأمة دينها، فهم دعاة خير وفلاح، يطلبون ما عند الله من الأجر المدخر؛ لقاء ما يحرصون عليه من تبليغ وإرشاد وتعليم، لما منحهم الله من علم، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر؛ امتثالا لما أمروا به بالنص الشرعي، في مثل هذا القول الكريم: قالت عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم (١)» رواه الترمذي.

وروى الإمام أحمد بسنده إلى عدي بن عميرة، رضي الله عنه يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة (٢)».

ولذا فإن مثل هؤلاء العلماء، هم الذين يتحملون في سبيل المنافحة عن دين الله الشيء الكثير، كما حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهما من علماء المسلمين، في كل زمان ومكان.

ومن فضائل هذه الأمة كما أخبر صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك (٣)» رواه الترمذي ومسلم وأبو داود.

وعلماء الإسلام الذين يعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - نموذجا لهم، قد عرفوا فلزموا، وأدركوا نقاط الضعف التي دبت في الأمة نتيجة الجهل، فأوقفوا أنفسهم للذود عن حياض الدين، ولتجديد ما بدأ يندرس من تعاليم شرع الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصحا للأمة، وأداء للواجب في الأمانة، وقد لقوا


(١) سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٠٤)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٥٩).
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٩٢).
(٣) صحيح مسلم الإمارة (١٩٢٠)، سنن الترمذي الفتن (٢٢٢٩)، سنن أبو داود الفتن والملاحم (٤٢٥٢)، سنن ابن ماجه المقدمة (١٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٧٩).