للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم - قال راوي الحديث: وأحسبه قال: في أسواقهم - وواكلوهم، وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فقال: لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا (٢)».

وفي رواية أبي داود من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل: كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا، اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك؛ ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: إلى قوله: ثم قال: كلا والله، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو تقصرنه على الحق قصرا (٥)» (٦).

وأمة محمد صلى الله عليه وسلم سيكون فيها الخير إلى يوم القيامة، ما داموا يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويدعون إلى الله، عن إيمان وعقيدة، وما دام فيهم علماء يوضحون لهم الحق، ويباعدونهم عن كل ما يخالف شرع الله؛ لأن الأمر والنهي، والدعوة لا بد أن تكلم عن حلم وعلم، وعن بصيرة وعقل.

وقد هيأ الله بين الفينة والفينة في صفوف هذه الأمة، وفي كل مكان رجالا عرفوا دين الله بالعلم الذي سلكه الله في قلوبهم، وتمسكوا نتيجة لذلك بما جاء في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فحرصوا على تجديد الدين للأمة، كلما غلب على أفراد منها الجهل، واهتموا بالإرشاد، وإعادة الغافل إلى


(١) سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٤٧)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٣٦)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٠٦).
(٢) سورة المائدة الآية ٧٨ (١) {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}
(٣) سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٤٧)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٣٦)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٠٦).
(٤) سورة المائدة الآية ٧٨ (٣) {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}
(٥) سورة المائدة الآية ٨١ (٤) {فَاسِقُونَ}
(٦) تفسير ابن كثير، دار التراث، ط ١٤٠٠ هـ، ج٢ ص٨٢، ٨٣.