للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الغاية، دفن في دمشق، صلى عليه قاضي القضاة علاء الدين القونوي) (١).

وقد توسع ابن كثير - رحمه الله - في تاريخه (البداية والنهاية) في وصف يوم وفاته، وما أبداه الناس من حزن ودعاء في دمشق، ومشاركة البلد بأكملها في تأبينه، رجالا ونساء وأطفالا، وذلك في حوادث سنة ٧٢٨ هـ (٢).

أما محمد بن شاكر الليثي في كتابه: (فوات الوفيات) فإنه أورد بعضا من الحكايات عنه، التي تنبئ عن فضله، وسعة علمه، ومن ذلك قوله: (حكي أن ابن تيمية قد شكا إليه إنسان من قطلو بك الكبير، وكان المذكور فيه جبروت، وأخذ أموال الناس واغتصابها، وحكاياته في ذلك مشهورة، فلما دخل إليه الشيخ، وتكلم معه في ذلك قال: أنا الذي كنت أريد أجيء إليك؛ لأنك رجل عالم زاهد - يعني: يستهزئ به - فقال له الشيخ: لا تعمل علي دركوان - كلمة مأخوذة عن الفارسية: درجوال، بمعنى: الخداع والحيلة - ثم أردف الشيخ قائلا: موسى كان خيرا مني، وفرعون كان شرا منك، وكان موسى كل يوم يجيء إلى باب فرعون مرات، ويعرض عليه الإيمان. . . وكان قوالا بالحق، نهاء عن المنكر) (٣).

وقال الزركلي: (ولد في حران، وتحول به أبوه إلى دمشق، فنبغ واشتهر، وطلب إلى مصر من أجل فتوى أفتى بها، فقصدها، فتعصب عليه جماعة من أهلها، فسجن مدة، ونقل إلى الإسنكدرية، ثم أطلق فسافر إلى دمشق سنة ٧١٢ هـ، واعتقل بها سنة ٧٢٠ هـ وأطلق، ثم أعيد، ومات معتقلا بقلعة دمشق، فخرجت دمشق كلها في جنازته، كان كثير البحث في فنون الحكمة، داعية إصلاح في الدين، آية في التفسير والأصول، فصيح اللسان.

وفي الدرر الكامنة: أنه ناظر العلماء، واستدل وبرع في العلم والتفسير،


(١) الوافي بالوفيات ١/ ٥٧ - ٧٤.
(٢) ينظر (البداية والنهاية)، ج ١٤ ص ١٣٥ - ١٤١.
(٣) فوات الوفيات، والذيل عليها لمحمد بن شاكر الكتبي، تحقيق د. إحسان عباس ١/ ٧٤، ٧٥.