للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله، ويذر ما يشاء، وهذا قد اتفق عليه كل من رآه، أو وقف على شيء من علمه، ممن لم يغطي عقله الجهل والهوى (١).

أما الواسطي المعروف بابن شيخ الحزاميين المتوفى عام ٧١١ هـ، فإنه كان من أسرة صوفية متوغلة في الضلالة، وأبوه شيخ طائفة كبيرة، ولكنه قد عرف العقيدة الصحيحة؛ لتأثره بابن تيمية تلمذة وقراءة لكتبه، ومتابعة لحالته، وقد ألف كتابا سماه: (التذكرة والاعتبار والانتصار للأبرار، في الثناء على شيخ الإسلام ابن تيمية، والوصاية به)، فقال بعد أن أوضح حال زمانه، وما فيه من المنكرات: ومن العجب أن كلا منهم يدعي أنه على دين الرسول صلى الله عليه وسلم حتى كشف الله لنا، ولكم بواسطة هذا الرجل - ابن تيمية - عن حقيقة دينه، الذي أنزله من السماء، وارتضاه لعباده.

واعلموا أن في آفاق الدنيا أقواما يعيشون أعمارهم بين هذه الفرق، يعتقدون أن تلك البدع حقيقة الإسلام، فلا يعرفون الإسلام إلا هكذا.

فاشكروا الله الذي أقام لكم في رأس السبعمائة من الهجرة من بين لكم أعلام دينكم، وهداكم الله به وإيانا إلى نهج شريعته، وبين لكم بهذا النور المحمدي ضلالات العباد وانحرافاتهم، فصرتم تعرفون الزائغ من المستقيم، والصحيح من السقيم، وأرجو أن تكونوا أنتم الطائفة المنصورة، الذين لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، وهم بالشام إن شاء الله تعالى.

ثم إذا علمتم ذلك، فاعرفوا حق هذا الرجل الذي هو بين أظهركم وقدره، ولا يعرف حقه وقدره إلا من عرف دين الرسول صلى الله عليه وسلم وحقه وقدره، فمن وقع دين الرسول صلى الله عليه وسلم من قلبه بموقع يستحقه، عرف حق ما قام به هذا


(١) انظر الأعلام العلية، ص ٢٢ - ٢٥.