للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينتهى إليها، والنهاية التي يعول عليها.

ولقد كان إذا قرئ في مجلسه آيات من القرآن العظيم، يشرع في تفسيرها، فينقضي المجلس بجملته، والدرس برمته، وهو في تفسير بعض آية منها.

ولقد أملى في تفسير: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (١)، مجلدا كبيرا وقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٢) نحو خمس وثلاثين كراسة، ولقد بلغني أنه شرع في جمع تفسير لو أتمه لبلغ خمسين مجلدا.

أما معرفته وبصره بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقواله وأفعاله وقضاياه، ووقائعه وغزواته، وسراياه وبعوثه، وما خصه الله تعالى من كراماته ومعجزاته، ومعرفته بصحيح المنقول عنه وسقيمه، وبقية المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم، في أقوالهم وأفعالهم وقضاياهم، وفتاويهم وأحوالهم، وأحوال مجاهداتهم في دين الله، وما خصوا به من بين الأمة، فإنه كان رحمه الله، من أضبط الناس لذلك، وأعرفهم فيه، وأسرعهم استحضارا لما يريده منه، فإنه قل أن ذكر حديثا في مصنف أو فتوى، أو استشهد به، أو استدل به، إلا وعزاه في أي دواوين الإسلام هو، ومن أي قسم من الصحيح، أو الحسن أو غيرهما، وذكر اسم راويه من الصحابة، وقل أن يسأل عن أثر إلا وبين في الحال حاله، وحال أمره وذكره.

ومنها: ما منحه الله تعالى من معرفة اختلاف العلماء ونصوصهم، وكثرة أقوالهم واجتهادهم في المسائل، وما روي عن كل منهم، من راجح ومرجوح، ومقبول ومردود، في كل زمان ومكان، وبصره الصحيح الثاقب الصائب للحق مما قالوه ونقلوه، وعزوه ذلك إلى الأماكن التي بها أودعوه، حتى كان إذا سئل عن شيء من ذلك، كأن جميع المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والعلماء فيه، من الأولين والآخرين، متصور مسطور بإزائه، يقول منه ما شاء


(١) سورة الإخلاص الآية ١
(٢) سورة طه الآية ٥