للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلف الأمة، فما زال خصومه بالسلطان حتى سجنه في عام ٧٢٦ هـ في قلعة دمشق، ومعه شقيقه زين العابدين عبد الرحمن، وسجن معه فريق من أصحابه العلماء، وعزروا بعض الوقت، وفيهم تلميذه النابغة ابن قيم الجوزية، الذي بقي في السجن مدة طويلة بينما جرى إطلاق الآخرين (١).

٣ - وقد امتحن رحمه الله بمحن أخرى وخاض فيه أقوام، ونسبوه للبدع والتجسيم، وهو من ذلك بريء، بل كان يحارب البدع ويشدد النكير على أهلها، وكان أول محنة في ذلك له في شهر ربيع الأول سنة ٦٩٨هـ بسبب عقيدته الحموية الكبرى، وهي جواب سؤال ورده من حماة، فوضعها ما بين الظهر والعصر في ست كراريس، فجرى له بسبب تأليفها أمور ومحن، حيث رجح مذهب السلف على مذهب المتكلمين، وشنع عليهم، وقد توسع في بيان ما حصل له: الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (٢).

٤ - ولما سكنت فتنة الحموية، وبعدها بمدة طويلة ظهر الشيخ نصر المنبجي بمصر، واستولى على أرباب الدولة القاهرة، وشاع أمره وانتشر، فقيل لابن تيمية: إنه اتحادي، وأنه ينصر مذهب ابن العربي، وابن سبعين، فكتب إليه نحو ثلاثمائة سطر ينكر عليه، فتكلم نصر المنبجي مع قضاة مصر في أمره، وقال: (هذا مبتدع وأخاف على الناس من شره)، فعقد للشيخ ابن تيمية في رجب عام ٧٠٥هـ مجلس وسئل عن عقيدته، فقدم لهم: (الواسطية)، وقال: (هذه كتبتها من نحو سبع سنين قبل مجيء التتار إلى الشام)، ثم دعي لمصر وعقد له مجلس مناظرة، وعقد له مجلس ثالث بالقصر، وبعد أن أوذي، أبرئت ساحته (٣).


(١) الإمام ابن تيمية، لعبد السلام حافظ ص ١١١، ١١٢.
(٢) راجع (الكواكب الدرية في مناقب ابن تيمية) ص ١٠٢ - ١١٤.
(٣) انظر: (الكواكب الدرية) للشيخ مرعي بن يوسف الذي توسع في تفاصيل هذه المحنة ص ١١٢ - ١١٦.