للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - وتآلب عليه خصومه في مصر، بعدما وصلها في رمضان عام ٧٠٥هـ حيث جمع له القضاة وأكابر الدولة بالقلعة، وادعى عليه عند القاضي ابن مخلوف المالكي خصم بأنه يقول: إن الله فوق العرش حقيقة، وأن الله يتكلم بحرف وصوت، وزاد الحافظ الذهبي: وأن الله يشار إليه الإشارة الحسية، وطلب عقوبته على ذلك. . . وقد حبس على ذلك في الجب ثمانية عشر شهرا، وقد ذكر الشيخ مرعي تفاصيل ذلك (١)، وكان مما قاله: (سبب محنته وابتلائه: قيامه في الله، والرد على أهل البدع والعقائد الفاسدة، ومبالغته في الرد على الفقراء الصوفية - الأحمدية والرفاعية - بسبب خروجهم عن الشريعة) (٢).

ومن يقرأ ما كتبه ابن تيمية يرى أن قوله في الاستواء بمثل ما قال إمام دار الهجرة مالك رحمه الله: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة).

٦ - وفي شوال عام ٧٠٧هـ شكا شيخ الصوفية بالقاهرة - كريم الدين الآملي وابن عطاء وجماعة نحو الخمسمائة - من الشيخ تقي الدين ورأيه في ابن عربي وغيره إلى الدولة، فخيروه بين الإقامة بدمشق أو الإسكندرية بشروط، أو الحبس، فاختار الحبس، وقال: أنا أمضي إلى الحبس، وأتبع ما تقتضيه المصلحة.

ولما دخل الحبس، وجد المحابيس مشتغلين بأنواع من اللعب، يلتهون بها عما هم فيه كالشطرنج والنرد، مع تضييع الصلوات، فأنكر الشيخ ذلك عليهم، وأمرهم بملازمة الصلاة، والتوجه إلى الله بالأعمال الصالحة، والتسبيح والاستغفار والدعاء، وعلمهم من السنة ما يحتاجون إليه، ورغبهم في أعمال


(١) الكواكب الدرية ص ١٢٦ - ١٣٣.
(٢) الكواكب الدرية ص ١٢٦.