للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش، فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه. . فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مسامعهم قوله تعالى:، فقال له مفروق: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، وقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك (٢)».

هذا جانب من فضائل هذه الآيات الثلاث، وذلك هو تأثيرها في النفوس، وهذه الآيات أيضا تمثل نموذجا فريدا في التربية الحكيمة، التي يسعد به المجتمع، ويحيى في ظلها الأفراد في أمان واطمئنان، ومن يتأمل في هذه الآيات الكريمات؛ يراها قد رسمت للإنسان علاقته بربه، علاقة ينال بها السعادة في الدنيا والآخرة، ورسمت له علاقته بأسرته بحيث تقوم على المودة والرحمة، وسدت في وجهه أبواب الشر التي تؤدي إلى انتهاك حرمات الأنفس والأموال والأعراض؛ لأن الإسلام يهدف إلى إيجاد جيل يدرك رسالته في هذه الحياة، إدراكا واعيا صحيحا مستنيرا، ويؤدي هذه الرسالة بقوة وأمانة، يدرك أن لله تعالى عليه حقوقا فيؤديها بإتقان وإخلاص، ويدرك أن لنفسه عليه حقوقا فيتعهدها بالتهذيب والمحاسبة والتقويم، ويدرك أن لمجتمعه عليه حقوقا، فيؤدي هذه الحقوق عن رضا وطواعية واختيار، بأمانة وكفاية ونشاط واستقامة، وبذلك تصل الأمم إلى


(١) سورة الأنعام الآية ١٥١ (٣) {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}
(٢) سورة النحل الآية ٩٠ (١) {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}